أغمضت عينيها ، و على وجنتيها تتسرب الدموع خلسة ، لتحرق كل خلية تعترض طريقها ... فتتبخر تحت شعاع الشمس ، تتصاعد مع رذاذ البحر في معراج قدسي للسماء ... يجتمعان في قصة حب أبدية ... فتستمع –هي- إلى قلب السماوات و ترى ألوان تبرق بين السحاب ... الفرح و الحزن يتصادمان ، فتسقط الأمطار ...
البحر الغاضب على الصخر .. يفتته ، ثم يأخد البقايا إلى القاع ... و لكن عند لقاء النهر .. يقبله في رفق .. و تهدأ ثورته ... و إنها حكمة القدر التي أبت إمتزاجهما .. ذلك البرزخ الخفي .. رأته قسوة .. لكنها رحمة .. قد علم الله تقلب البحر و طغيانه ، و علم هدوء النهر و سكينته ... قد يتمرد البحر على النهر .. قد يكسر ما تبقى له من أجنحة و هو مازال يتعلم الطيران بعد سقطات عديدة ... !
زمان القهر علمه كيف يعلو بموجه و يعصف بالسفن المارة ، ثم يحتضنها في جوفه .. و لا يزال النهر يمضي مع الرياح من منبعه إلى الشمال ، و في حب يتدفق حتى يصيبه الجفاف ، فيتجدد مع أحزان السماء ...
كانت تضع صدفة عملاقة على أذنها اليمنى مستمعة إلى قيثارة عرائس البحر ، و الغناء الخفي لأرواح القراصنة و البحارة المرتزقة ... و من دون أن تشعر ، كانت تدفن جسدها في الرمال لعل الذرات الملتهبة تتغلغل بداخل روحها .. تعطيها ذلك السمار الإغريقي الذي سكن ذات يوم ثنايا الأسكندرية ... تتحرر من جسدها ، لتتدرج مع ألوان البحر الفيروزية ...
تتسلل برودة الليل برفق إليها مع الغروب ، لتتشكل في الضباب أشباح لأساطيل الماضي .. تكاد تقسم أنها تستمع إلى أصوات إصطكاك السيوف البعيدة ...
يزحف الليل ، و معه يزحف البحر مع حركة القمر .. يقترب بحذر من أسوار المدينة ... و لكنه لا يتجاوزها ... إنها تلك الحدود اللعينة التي تقيد حريتها !
من وضعها ، و لماذا ؟؟
فتحت عينيها ، لتجد دموعها قد حفرت تشعبات النهر على الجنبين ... و البحر في شعرها الغجري الهائج حول رأسها .. و الموج لا يزال يهدر في أذنيها ... و مازال قلبها ينبض بالحياة ! ...
كانت تظن بأن أوراق عمرها ستصفر ثم تكون حطاما .. و لكنها تصحوا بثورتها ، لتجد العالم كما هو .. !
نور بدر
الجمعة 13/3/2009
الأسكندرية – الساعة 10:00 صباحا
ما أجمل كلمات البشر الإقصائية .. و كيف تظهر إغراءها الفاتن بطائفيتها .. و كيف تشع عنفا تعصبيا .. و ما يجعلها اجمل؛ هو أن باطنها لم ينجلِ بعد على ظاهرها .. فهيهات أن تعرف قوة الإغراء بأن تكون ممثّل الرب على الأرض .. بأن تنطق بكلمات مهيبة تشعرك بألوهيتك !
___________________________________
آه ، إن قوة الأرض و الدم مخيفة حقا. إنها لتستطيع أن تجذبنا إليها في كل حين كلما أردنا ارتفاعا ! - "سلطان الظلام" توفيق الحكيم
Thursday, April 2, 2009
مرج البحرين .. يلتقيان
Posted by Nour Badr at 12:09 AM
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
1 comments:
thank u :)
Post a Comment