BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

مصــــــر

مصــــــر
فلترفعوا عيونكم إليّ ، لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ ، يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه ! -أمل دنقل


كانت النبوءة :(الناس نيام، فإذا ما انتبهوا ماتوا!)؛ و قد كٌسرت البلورة فوجبت

ما أجمل كلمات البشر الإقصائية .. و كيف تظهر إغراءها الفاتن بطائفيتها .. و كيف تشع عنفا تعصبيا .. و ما يجعلها اجمل؛ هو أن باطنها لم ينجلِ بعد على ظاهرها .. فهيهات أن تعرف قوة الإغراء بأن تكون ممثّل الرب على الأرض .. بأن تنطق بكلمات مهيبة تشعرك بألوهيتك !

___________________________________

آه ، إن قوة الأرض و الدم مخيفة حقا. إنها لتستطيع أن تجذبنا إليها في كل حين كلما أردنا ارتفاعا ! - "سلطان الظلام" توفيق الحكيم


Friday, February 22, 2013

صراع آخر ..

لماذا أصِر على التّفكير كثيرا ؟ هو ليس إصرار بقدر ما هو لا إراديّة شريرة .. هناك تصارع مسميات يدور في عقلي الآن و نقص في الإحتياج ، هناك في قلبي أعاصير عاجزة عن تحطيم حواجز القلب و تفجيره .. إما الفيضان أو الإعتصام داخل الحجاب الحاجب ، فيضيق خُلُقِي و يصعب على لساني التعبير ، و يفقد قلمي النّطق و تجف أوراقي التي لا لون لها.

إن من أسوأ الكوابيس التي يمكن أن يقابلها الإنسان كأن يفكّر ليلا و هو نائم؛ هو أن يسيطر عليه هوس ما يعب النّاس و خوفه من أن يبتعدوا عنه بسبب آرائه الوقتيّة أو المتأصّلة فيه .. لماذا لا يذهب الناس إلى الجحيم فعليّا ؟

تقول العزيزة سيمون دي بوفوار مقولة تذكرني بشعوري النّاتج عن صراع الاضداد داخلي بأن أقول فليذهب النّاس إلى الجحيم و لتذهب الوحدة للجحيم أيضا .. ليذهب المقرّبون إلى بعد آخر و لكن مجاور لي .. ليذهب الرّفاق المُتعِبُون في إرضائهم رضاءً لم يطلبوه مني بعيدا خارج دائرة إجتماعيّاتي .. و ليذهب كل هذا الهراء الذي ألقيه هنا لِيُلقِي بنفسه إلى أقرب بئر عميقة ضحلة الماء أو عميقة.

أريد ان أسافر بعيدا و لو لأشهر قليلة في مكان لا يعرفُني فيه أحد ، ثم أعود نظيفة من الدّاخل .. أن أغلِق كل علاقاتي لفترة ، ثم اعود يحرقني الشّوق. فأكون إنسانا جديدا.



نور
22/2/2013

صراع

هذا و كنت قد استيقظت اليوم على ارتباك الأحلام و التصوّرات .. و أتى على عقلي إلهام هذا الدّعاء:
"اللهم إذنّي أعوذ بك من تشتت خلجاتي و أفكاري ، و أن يتغلغل الشّيطان في شتاتي"

و في هذه اللحظة ، يوسوس الشّيطان -بئس القرين- لي بأن أقوم بنشرها .. لماذا أنشرها ؟ لأتفاخر بها ؟ أم لأنتهك سريّتها ؟

Thursday, February 21, 2013

ماندولين ...

كنت أتمنّى بأن يكتب الشّعر و كأني أريده أن يلمسني بطرف أصابعه المرتعشة من الوحي .. إن وحي الشّعر لجبّار عصي ، و إني أردته أن يكتب الشّعر عن قلبي المُحاصر من شيء لا أعرف كنهه .. إن الشّعر يقتل كالحب. يقتل كصوت الماندولين عندما يقطّع أوتار القلب. و يقتل ببطء عندما لا تستطيع أن تصل إلى الذّروة !

اعلم أن الإنتقام أصبح منّي .. فلقد أخذت الحرب قلبي بعيدا .. اعلم أن الإنتقام أخذ ينبش في جرحي ، حيث قطع من اللّحم ظلّت أملا .. إنّها لا تعلم أن هويّتي سرقت مني ، و أني في هذا الشّتاء لم أعد أنا.



الخميس ليلا
21/2/2013
10:30 ليلا

Tuesday, February 19, 2013

فليعلوا التّانجو ..

بعد الشّعور بالحباط للحظة ، غمرتني بعدها لامبالاه عميقة .. !
 ظللت أمشي إلى أن وصلت لوجهتي في الدّقي (محي الدّين أبو العز - شارع يثرب) و هناك جلست جِلسة لم تطل إلى 10 دقائق ، و كان تدفق الأرقام الدولارية ينهال علي و أنا لا أستوعب ، و بالتالي لا أفكّر كثيرا إلا على السؤال التالي .. و انتهت المقابلة ، و تحرّكت شفتاي قليلا لأسفل مستعدة إلى الحزن و عادت إلي أفكاري التي كانت تملأوني بأني أخيرا شبكت في الأمر .. و لكن لم تمر لحظات ، و غمرني بلا مقدمات و لا نهايات شهور بلا مبالاة عجيبة ظللت أحاول فهمها .. !

تستمر قدماي بممارسة فعل المشي ، و تستمر أضواء المحلات و المطاعم و السيارات في مدابعة عيوني .. الغريب أنني كنت لا مبالية تجاه لامبالاتي ، و كنت اتساءل "كيف هذا الهدوء؟" و في نفس الوقت كنت كنت اعرف و اكرر "الخير قادم من الله" .. أتذكّر الآن كلمة "محمد" أخي عندما قال لي أن تكراري محاولتي في هذا الإتجاه بدون فائدة محددة هو إشارة بأن تتوقفي لأنه لا فائدة ترجى من هنا ، كم هو مضحك أن رفضي الداخلي لكلامه جاء بناء على منطق أنني لم أسأل حتى و لم أتلقّى أي جواب ، فكيف هي إشارة بينما لم أفعل أي شيء لأتلقى مثل تلك الإشارة ؟

-- لن أتحدّث عن اليوم أو بقيّةالأسبوع الآتي ، فقط سأقول أن "هبة طوجي" قد ابدعت في اذني حتى ان ادمنتها سريعا .. فقط سأقول أن التّانجو هو ثورة و حريّة و قلب امتزج بشهوة الجسد

Friday, February 15, 2013

فلان الفلاني

يبكي ويضحك لاحزناً ولا فرحا
كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا .. !
بحسد كل واحد في اللحظة قادر يفك حصار قلمه و قلبه و فيض ورقه ، و يكتب شعر ..

"كان هو متبرع بنص دمه للطريق"

فلان الفلاني ، الي معرفش اسمه .. فديما بقول: يابن عمي و خلاص !

Wednesday, February 13, 2013

هذا و قد ..

3 Days > Thinking > Conclusion:

النّاس كان بقالها يومين بتحتفل بذكرى تنحّى/خلع "الدّيكتاتور" مبارك .. طيّب؛ ما بالنا نحتفل بينما النّتيجة هي دكتاتور جديد تلوّثت يداه بالدّم سريعا ، و حط على كرسي العرش و اخذ يتمادى في التّجاوز بسلطة مزيّفة هي "الدّين" ، و يدّعي على الشّعب باسم جماعته و حاشيته .. و الأسوأ هو أننا نقول بأسطورة "خلع" ديكتاتور بينما الدّكتاتور الأعظم و الأكثر تعمّقا و تجذّرا هو بداخلنا .. نحن ننادي بالحريّة بينما ننصب حول الحريّة نفسها ألف سياج من خيالنا المريض .. يقول مولانا جلال الدّين الرّومي: (لعل من أعجب العجائب أن ترى روحا تئن في محبسها .. بينما المفاتيح جميعا فيها ومعها) .. نحن نمتلك المفاتيح ، أهمّها مفاتح عقولنا و قلوبنا لنتحرر ، و من الضّروري جدا معرفة أننا لا نمتلك الحقيقة ، فيقول مولانا الرّومي أيضا: (و كأنما كانت الحقيقة مرآة في يد الله .. وحين سقطت هذه المرآة ، تهشمت ، فكان أن اخذ كل واحد قطعة من الهشيم .. ونظر فيها قائلا : هذه هي الحقيقة و لا سواها !) .. نحن حقيقة ، و فينا جزء من الحقيقة ، و بنا تُعرف أوجه من الحقيقة .. في الحقيقة أن ما نحياه الآن في ظل عرش هذا الديكتاتور هو ببساطة اسقاط على واقع نحياه هو ديكتاتوريّتنا في : إجتهاداتنا الدّينيّة - رؤيتنا لأنفسنا - رؤيّة المجتمع لنا (أي ضميرنا الجمعي) - ساميّتنا المزيّفة .. (و كأن التّيه كان لنا و ليس لبني اسرائيل)  التّيه العربي و ليس الرّبيع العربي ..


ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻤﺘﺼﺪﻋﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﺇﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﻭﺭﺍﺀ - ﺇﻣﻴﻞ ﺳﻴﻮﺭﺍﻥ

فلا ترأب الصّدع ، بل ابحث بين الشّقوق- نور بدر

Monday, February 4, 2013

حوار (2) - سِر المَعبَد - ثَروَت الخِربَاوي

الفكر يجلب بعضه ، و الخيوط تتشابك و تلتقي ، فحين كنت من إخوان "منطقة الزّيتون" حضرت كتيبة إخوانية في بيت أحد الإخوة المسؤولين عن المنطقة ، و كان المُحاضِر الدكتور جمال عبد الهادي أستاذ التّاريخ الإسلامي ، و هو أحد الدّعاة الكِبار في الإخوان ، و كانت له العديد من الدّروس يلقيها في أحد المساجد بمنطقة الأميرية القريبة من الزّيتون .. و الحق أن الدّكتور جمال رجل مفعم بالمشاعر الإيمانيّة الفيّاضة حتى إنّه كثيرا ما كان يبكي أثناء دروسه ، و هو من الرّجال الذين يأخذون انفسهم بالشدّة في العِبادة ، و لم يحدث أن طلب دنيا أو مغنما بل كان مخلصا لفكرته مدافعا عنها ، إلا أن قلب الإنسان غير عقله و فكره؛ فمن الممكن أن يجذبك أحدهم بنقاء سريرته و نبل عاطفته و يصدمك بطريقة تفكيره.

 في تلك الكتيبة الإخوانيّة قال الدكتور جمال عبد الهادي عدّة أفكار كانت صادمة بالنّسبة لي :

 - لا نستطيع أن نتهم شخصا بعينه بالكفر ، فلا يجوز إطلاق القول بالكفر إلا بأن يثبت بالدّليل الشّرعي ، و بالتّالي لا يجوز تكفير الأعيان (أي الاشخاص) إلا إذا ثبت ذلك من خلال قول أو فعل. و لكننا نستطيع تكفير الحكومات و الأنظمة، و يثبت كفرها إذا امتنعت عن تحكيم شرع الله و هي تعلم وجوب هذا التّحكيم ، و يثبت علمها بالوجوب إذا أنذرها أهل العلم و الفقه ، و نظرا لأننا أنذرنا حكوماتنا و أخذنا عليهم الحجّة فتكون الحكومات المصريّة كافرة كفرا يخرجها من الملّة. و لأن الله قال في كتابه الكريم : "إن الحُكم إلا لله" لذلك لا ينبغي أن نشرّع لأنفسنا ، و من يشرّع لنفسه فهو يشرك بالله سبحانه و تعالى و يتحاكم من الطّاغوط: "ألم تر إلى اللذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوط و قد أمِروا أن يكفروا به".

 - و في نهاية المحاضرة قلت له: يا فضيلة الشّيخ ، لقد أشكل عليّ شيء مما قلتَه فهل من إيضاح ؟

 - فرَد بسماحته: تفضّل يا أخي.

 - قلت : كيف تكفّر الحكومة و لا يكفر الحاكم ؟ فالحكومة هي شيء معنوي ، اعتباري ، و الاشياء الإعتباريّة لا تكفر و لا تؤمن ، و لكن الاشخاص الذين يديرونها هم الّذين كذلك ، أنا ارى أننا لا يمكن أن نقول إن دولة كذا هي دولة كافرة ، و لكننا نقولها من باب المجاز ، إنما نقصد أن معظم شعبها على الكفر و أن أفراد حكومتها على الكفر ، و كذلك لو قلنا إن الحكومة كافرة لأنها تتحاكم إلى الطّاغوت و لا تحكم بما أنزل الله فهم أيضا كفار ، و المحامون الذين يترافعون بالقوانين التي ما أنزل الله بها من سلطان هم أيضا كفّار  فهل أنا بهذه المثابة كافر لأنني أعمل بالمحاماه ؟



حوار بين الدكتور ثَروَت الخِربَاوي (المحامي و القيادي السابق في جماعة الإخوان) مع الدّكتور جمال عبد الهادي (أستاذ التّاريخ الإسلامي و الدّاعية الإخواني الشّهير) في محاضرة

النّص الأصلي من كتاب: سِر المَعبد - الأسرار الخفيّة لجماعة الإخوان المسلمين
صفحة: 214 - 216
دار نهضة مصر للنشر - الطَبعة الأولى فبراير 2012

Sunday, February 3, 2013

حوار (1) - سِر المعبَد - ثروَت الخِربَاوي

بعد أيام من انتظامي في صلاة المغرب يوميا بهذا المسجد "مسجد قاهر التتار" رأيته عن بعد شيخا كهلا يجلس القرفصاء بعد صلاة العشاء ، منكبا على قراءة القرآن بصوت خافت .. غمرتني راحة نفسية حين وقع بصري عليه ، فاقتربت منه و جلست بجواره ، لم يستغربني و لكنه ابتسم في وجهي ابتسامة محببة ، فالقيت عليه السلام ، فحيّاني بعبارات محببة .. طلبت منه أن يدعو لي ، فوضع يده على رأسه و أخذ يدعو لي دعاء فياضا بصوت رخيم متهدّج من فرط الصّدق .. و بغير إرادة مني و كأنني مسيّر، أخبرته أنني كنت من الإخوان و تركتهم منذ شهور و كأنني أريد أن أدرأ عن نفسي تهمة لم يوجهها لي ! .. قال لي بعاطفة و كأنه أبي:

 - و أين أنت الآن ؟

 - قلت: أنا أنتمي إلى الحركة الإسلاميّة ، إلى التّيار الإسلامي ، فأنا إسلامي النّزعة.

 - قال و البشاشة على وجهه: لا تقل أنا إسلامي ، و لكن قل أنا مسلم ، الله قال لنا ذلك ، قال في كتابه الكريم : "هو سمّاكم المسلمين من قبل" و لم يقل هو سمّاكم الإسلاميين ، و قال : "و اشهد بأنّا مسلمون" و لم يقل و اشهد بأنّا اسلاميّون. لذلك فإن مصطلح الإسلاميين لم يكن معلروفا في عهد الرّسول (صلّى الله عليه و سلّم) و لا في عهود الصّحابة حتى القرن التّاسع عشر ، بل كان كل من يجتهد فإنما كان ينسب الغجتهاد لنفسه ، لا للإسلام ، فهذا حنفي و ذاك مالكي ، و ذلك شافعي و هكذا ، لم يجرؤ أحدهم على أن ينسب الإسلام لنفسه أ يقول: انا صلحب المذهب الإسلامي؛ و لذلك كانت تعبيرات "المذاهب الإسلامية" تعبيرات حديثة لم يقل بها أصحابها ، و كذلك مصطلح "الفقه الإسلامي" قالصحيح أنه "فقه المسلمين" و الحضارة الإسلاميّة هي حضارة المسلمين لا الإسلام ، تاريخ الإسلام هو تاريخ المسلمين لا الإسلام ، تاريخ الإسلام لم يكن إلا في عهد الرّسالة فحسب ، و ما بعد ذلك كان تاريخ أجيال من المسلمين.

 ثم استطرد: لا ينبغي أن يختلط "الإسلام" في الأذهان بـ "المسلم" فثمّة مسافة بينهما؛ لذلك كان من الخطأ أن نسمّي ابن تيميّة "شيخ الإسلام" إذ يجوز أن يكون شيخا للمسلمين ، و لكن لا توجد مرتبة في الإسلام اسمها "شيخ الإسلام .. و كذلك من يقولون على أبي حامد الغزالي "حجّة الإسلام" فهو ليس حجّة الإسلام ، فالحجّة هي الدّليل ، و حجّة الإسلام هي القرآن ، هي الرّسول (عليه السّلام) ، و لكن لا توجد مرتبة اسمها "حجّة الإسلام". يجوز أن نقول عنه فقط أنّه "حجّة المسلمين". المرتبة الوحيدة في ديننا هي مرتبة النّبوّة و الرّسالة ، هي نبي الإسلام.

 - رددت عليه برعونة: و ليكن ن أنا مسلم ، و لكنني صاحب هذه الدّعوة ، صاحب هذه الرّسالة ، نحن نملك الإسلام.

 - رد بحكمة: يا بُني الحبيب ، لا ينبغي أن يدّعي أي إنسان أنّه "صاحب الدّعوة" و كأنّها مملوكة له ملكيّة حصريّة ، هذه دعوتنا جميعا ، و الوحيد الذي نستطيع أن نقول عنه أنه "صاحب الرّسالة" هو الرّسول محمّد (صلّى الله عليه و سلّم) ، هو نبي الإسلام.

 - قلت و قد انخفض صوتي بمقدار إنخفاض معرفتي: و لكن يا شيخنا ، أليس يختلط الرّجل برسالته ، بفكرته ؟ .. قرأت من قبل كتابا عن حسن البنّا اسمه "حسن البنّا .. الرّجل و فكرته" لكاتب من الإخوان اسمه محمّد عبد الله السّمان ، و قد كان الكتاب كلّه يدور حول أن حسن البنّا لم يكن رجلا ، و لكنه كان فكرة ، كان إسلاما ، كان رجلا قرآنية ، حتّى إن كل الإخوان يطلقون عليه "صاحب الدّعوة".

 - رد الشّيخ و ابتسامته مازالت تعلو وجهه: فليرفع النّاس قدر رجالهم كما يحبّون ، و لكنّهم و هم في حبّهم لشيخهم لا ينبغي أن يخفضوا الإسلام ليتساوى مع رأس شيخهم. انظر يا بُنيّ الحبيب رغم حبّنا للمصطفى عليه الصّلاة و السّلام فإننا لا نستطيع أن نقول: إنّه هو الإسلام ، نعم كان الرّسول "قرآنا يمشي على الأرض" و كان خُلُقَه القرآن ، و مع ذلك لم يقُل أحد إن "الرّسول" كان هو الإسلام ، و لكنه كان كما قال عن نفسه: "إنما أنا بشر فما حدّثتكم به من عند الله فهو حق ، و ما قلت فيه من قبل نفسي ، فإنما أنا بشر أصيب و أخطئ". و لؤكّد للنّاس بشريّته قال: "إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكّة". الرّسول إذن رجل من بني آدم و إن علت مرتبته على بقيّة البشر ، و لكن الإسلام عقيدة و لا يوجد في الإسلام مرتبة أخرى تجعل من المسلم "إسلاما" أو تجعله قرآنا.

 - قلت باستفهام: و لكنني قد أكون صاحب الدّعوة! .. حسن البنّا يقولون عنه ذلك.

 - رد و قد طال صبره: ما نحن إلا دعة مصداقا لقول الرّسول (عليه الصّلاة و السّلام) : "بلّغوا عني و لو آية" و لو قال الإخوان : إن حسن البنّا هو صاحب الدّعوة ، فإنما يضعون شيخهم في مرتبة النّبوة ، أو كأنّهم يُخرِجونهم من الملّة ، فلو كان متبعا لدعوة الإسلام لكان يجب أن يقولوا عنه إنّه "داعية" و حسب؛ لأن حاحب الدّعوة هو الرّسول ، و لو قالوا : إننا نقصد أنّه صاحب دعوة الإخوان ، فمعنى ذلك أن دعوتهم تختلف عن دعوة الإسلام! و إلا لما نسبوها لصاحبهم ، و ما داموا لا يقولون إنّهم أصحاب طريقة في العبادة ، أو أصحاب مذهب فإنّهم يجب أن يخرجوا من تقديس رجلهم ، و نفي ملكيّة الدّعوة عنه ، .. لا أحد منّا يا بني يملك الإسلام ، لا نستطيع أن نقول إلا أننا أسلمنا لله رب العالمين ، و نحن نسير في طريق الإسلام ، و لكل منّا منزلته يا ثروت.

 - تعجبت من معرفة اسمي دون أن اخبره به ، فقلت مندهشا: أتعرفني ؟! - قال و هو يمسك برأسي ليقبّلها: نعم أعرفك ، و لكنّك نسيتني !



 حوار بين المحامي د.ثروت الخِرباوي (قيادي سابق في جماعة الإخوان) و بين أستاذه أحمد إبراهيم أبو غالي (قيادي سابق في جماعة
الإخوان) و مدرّ اللغة العربية و الدّين للإستاذ ثروت الخِرباوي

النّص الأصلي من كتاب: سِر المعبد : الأسرار الخفيّية لجماعة الإخوان المسلمين
صفحة : 147 - 150
دار نهضة مصر للنشر - الطّبعة الأولى فبراير 2012