هذا تراثي ...
"أعتقد أنه تزامن(عرضا) مع جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها أوباما ، و مع ذكرى نصر أكتوبر (36) عاما ، و مع إنتهاكات
"الأقصى ، و مع تاريخ عريض من تراثي أصر على معرفته ! ...... أعتذر منكم لأنه يبين ضعفي
***
أماه ، ألم تسمعي بالنبأ الرهيب ؟
نعم ، أماه ، لقد تخليت عن رقتي و فار التنور بداخلي ... نعم ، بكيت لا إراديا عندما سمعت أغنية وطنية لوردة "حلوة بلادي ، السمرا بلادي" و كدت أركع هيبة لبلادي ، فلقد خالطتني مشاعر و كأني لم أعرفها من قبل ، مشاعر عزة عرفها شعبي العربي ، مشاعر وحدة مزقتها الحدود .. مشاعر ذل ، و قهر ، و ظلم و ظلام يأكلني ... مشاعر نصر ولدت معي/داخلي بدمائي و لم يطمسها غبار السنين و لو مر (36) من الزمن ...
أماه ، ألم تسمعي بعد بالنبأ الرهيب ؟
نعم ، حلمت برمال سيناء حتى قبلتها ملتهبة -تحت قدمي- و جريت في خنادقها و صرخت الله أكبر "محمد أفندي رفع العلم" ... نعم ، أماه ، لقد تخليت عن رقتي و فار التنور بداخلي كرياح الصحراء ، شريط دار بداخلي ... هم يدعون بأنا نسينا ، ألم يسمعو ؟ لم أنساك يوما فلسطين .. أتذكر الحرب (48) و قبلها ، أتذكر مذابحهم في دار أبي ، في الحقل ، في الدير و المسجد ... في النكسة ، كنا كالفراش المبثوث نحفر قبورنا بأيدينا ، ثم يأتينا سكيرا يذبحنا ، و يلقينا ضحايا في أراضينا ...
أماه ، ألم تسمعي بعد بالنبأ الرهيب ؟
ألم تسمعي عن عذراء دنشواي ؟ ألم تسمعي عن مصر و السودان؟ و الفراعين الذين يطغون في البلاد ؟
نعم ، أماه ، في كل يوم أسمع كلمة "سلام" و لم أعد أعرف معناها و لا وظيفتها ! كل ما اراه ، هو المزيد من اللون الأحمر في الطرقات ، المزيد من غبار المستوطنات ، المزيد من المحادثات و الفاوضات ..
أعتذر للسادات ، عن سلام كان "للحق" / عن أمل كان يقال أنه "إرادة الرب" ... أعتذر للسادات ، فقد إغتال الرجل السلام ، و إغتال السلام الأمل ...
أعتذر للعالم عن وقاحته ، عن صمته الساخر ، عن قتامته ... أعتذر للعالم عن ذلنا ، عن دمنا الرخيص ، عن مقدساتنا ... أعتذر عن تساؤله لماذا ؟ عن جهله بالإجابة !
أعتذر لدجلة و الفرات ، فلقد تحملنا منذ عهد الرقص على صوت الكؤوس .. سكر من دماء الحسن و الحسين / من حبر الثقافة التي غرقت / ثم من غارات أمم ابت إلا أن تحشر أنفها فيما لا يعنيها ، فغاب –النهر- في سبات عميق ..
أعتذر للبحر الميت ، قال لي أن من عرفني حقا لم ينعتني بالميت .. فأنا ، ليلي ابكي ملحي الذي يزيد علي من دمعي .. هم لم يعرفوني .. نهاري أنادي لمن قد يسمع : هذه قدسي /فلسطيني/ تنادي ، فهل من عابر شاطئيا فأوصله ؟ فيأتي إلي رجل ليبكي ، فأبكي لأنه زاد من ملحي و لم يطلب حتى عبوري ..
أعتذر للنيل ، الذي إختنق من الدخان/ قصائد ساكنة / خربشات تاريخ في حائط معتقل، من أنين و آهات من لم يناموا ظلما و بهتانا .. أعتذر من أوراق صفراء مهربة ملوثة بدماء من حفروا لها مكانا بين جدران السجون .. من مجهولين عبروا مصر إلى الأراضي المقدسة ، ثم لم يعودا إلا رمادا في رياح ..
أعتذر للقدس/للأقصى/ أمّاه ، من علم دنس ساحتة ، أقدام محرمة عليه و أصوات قبيحة تعلوا على صوت المصلين .. من نيران حرمت حمائمه الأمان / كما الأطفال على التراب قتلى .. من صمت أمتنا ، من إنتكاسة قلب شيخ / كما إنتكاسة رأس رجل خُلق حرا و من يقتله ليس ربا .. من يعفو عنه ليس ربا .. ليس ربا ..
أعتذر لك من طفل ولد على أصوات الهروب/و البارود ، فكيف يحلم بعدَ اليوم بسلام ؟
أماه ، ألم تسمعي بعد بالنبأ الرهيب ؟
تركت رقتي ، و أكبرت ذلك الوحش بداخلي ...
نعم ، أماه ، أنا إبنتك
و لقد سمعت –منذ عهد- بالنبأ الرهيب !
نور بدر
الخميس 8 أكتوبر 2009
الساعة 7:10 مساء
0 comments:
Post a Comment