BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

مصــــــر

مصــــــر
فلترفعوا عيونكم إليّ ، لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ ، يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه ! -أمل دنقل


كانت النبوءة :(الناس نيام، فإذا ما انتبهوا ماتوا!)؛ و قد كٌسرت البلورة فوجبت

ما أجمل كلمات البشر الإقصائية .. و كيف تظهر إغراءها الفاتن بطائفيتها .. و كيف تشع عنفا تعصبيا .. و ما يجعلها اجمل؛ هو أن باطنها لم ينجلِ بعد على ظاهرها .. فهيهات أن تعرف قوة الإغراء بأن تكون ممثّل الرب على الأرض .. بأن تنطق بكلمات مهيبة تشعرك بألوهيتك !

___________________________________

آه ، إن قوة الأرض و الدم مخيفة حقا. إنها لتستطيع أن تجذبنا إليها في كل حين كلما أردنا ارتفاعا ! - "سلطان الظلام" توفيق الحكيم


Friday, June 12, 2009

الفنان البوهيمي - أميديو مودلياني

Amedeo Modigliani

Born : 12 July 1884
Livorno, Tuscany

Died : 24 January 1920 (aged 35)
Paris, France

****
الملاك الفاسد ...أميديو مودلياني

بقلم : يوسف فرانسيس

كنت جالسة في غرفة المكتبة ، على "الأنتريه" أذاكر .. و لكني في كل مرة أجلس فيها هناك ، لا أستطيع مقاومة كل ذلك الكم الهائل من الكتب في المكتبتين أمامي .. قادتني قدماي للمكتبة الفنية و الأدبية .. تجولت فيها و توقفت خاصة -ككل مرة- أمام كتب جدي القديمة .. و لكني لم أجد ما يناسب مزاجي في كل تلك الأغلفة السوداء ... فهبطت عيني على رف الروايات ، و هي تقرأ نفس العناوين التي تقرأها كل مرة ..

توقفت عند ذلك العنوان الأزلي "الملك الفاسد" .. لطالما قرأت ذلك العنوان مرارا و بغير إهتمام نظرت إليه و عيناي تحاول إختراق ذلك اللون الأزرق الذي يخفي العنوان الباهت الأسود .. "الملك الفاسد – مودلياني" .. ماذا ؟ مودلياني !!! ... خطفت الكتاب سريعا و نظرت للغلاف و العنوان من جديد .. الملاك الفاسد- مودلياني .. لم أستطع أن أخفي فرحتي العارمة التي إجتاحت كل خلجات نفسي و زوايا جسدي .. إنه مودلياني الذي حدثني عنه و قلت له أني سأبحث عنه في المكتبة .. لقد كنت أشعر بأني سأجد ذلك الرجل متخفيا بين الكتب الأخرى ، ليخفي ملائكيته عني حتى تحين اللحظة المناسبة !

لقد ظللت عدة أعوام أقرأ العنوان بطريقة خاطئة ، و لم أعيره أي أهمية ، أو أني لم أكن أساسا أعرف الرجل حينها ! ... نظرت للغلاف و لم أتأمل كثيرا حيث أني كنت متلهفة لقراءة ما وراءه من صفحات .. قرأت الإهداء ، بأذناي ، و بقلبي :


... إلى كل إمرأة شجاعة
تستطيع أن تتحمل نزوات فنان


كم ألهمني ذلك الإهداء ، و فجر أفكارا كثيرة جعلها تحوم كالأشباح في رأسي ..
قرأت المقدمة ، و كان الكاتب يتحدث عن تلك " المرأة الهزيلة العارية التي ترتجف بردا و حزنا .. و شعرها الذي ينسدل على كتفها العارية ، يضم وجهها الصامت الذي ينحني في أسى عميق " و جد فيها ذلك النبل الفني و البشري و تمنى بأن يقابل صانعها .. عندها علمت أنه يتحدث عن غلاف الكتاب .. فعدت بسرعة إليه ، و نظرت ........... و جدت عالم آخر بالفعل ، و جدت أشياء كثيرة ، مشاعر ، و مكنونات ، و .......... و قد تجرأت و جمعت كل تلك المعاني عن الصورة في كلمة واحدة " الحياة " .........0

بالفعل .... " الحياة " ..... تلمست أطراف الغلاف و لم أجرؤ على تلمس المرأة المرسومة نفسها .. فقط كانت عيني تتأمل في صمت قدسي رهيب .. من قد يستطيع أن يجسد الحياة في خطوط رفيعة قليلة ، و ألوان جريئة هادئة طبيعية في نفس الوقت ؟ ... كلما أنظر لها ، وجهها ، و جسدها ، أشعر كأني أراها لأول مرة .. و تنتابني مشاعر اخرى جديدة بعيدة كل البعد عن مقدرتي في وصفها !

و على ضوء الشموع "بسبب إنقطاع الكهرباء" ، و في جو ثقيل بالحرارة .. بدأت أقرأ ......... لم اتوقف إلا عندما جاءت الكهرباء ، فإنزعجت و دخلت غرفة المكتبة من جديد ، و أغلقت الباب ، و أضأت نفس الشمعة ، و أكملت القراءة ..........

مرة أخرى تُقطع حبال أفكاري بقدوم أمي و أبي إلى المنزل ، و جلسنا قليلا نتكلم و أنا أشعر بشيء يجذبني بشدة و على غير هوادة للغرفة و مودلياني و المرسم الضيق و رائحة الألوان و الفوضى و شوارع باريس المظلمة و أصوات فنانيها السكارى ، و صوت مودلياني يردد أشعار " دانتى" ... فنهضت و نظرت للقمر ، و كأني أطلب منه شيئا ما .. لم أدر كنهه ، و لكنه –القمر- كان غير مكتمل !

و بعد سكون كل ما/من في المنزل ، إستلقيت و أناملي تتلمس صفحاته مرة أخرى ... .......... ...

سفر ، و وداع ، قلب يمزقه الحب ، عينان تدمعان ، أيدي تتلامس بينما تتسلل إليها الرجفة ... عودة و حب طاهر ، و حرب ، و زواجهما أخيرا .. .... "جين و مودلياني" .... .. و لم تكن سعادتهما مكتملة ، و لكنهما كانا راضيين .. و قد شعرا بالحياة مرة أخرى

ثم يأتي المرض ليتوحش في صدر مودي الرقيق الضعيف ، و تعجز جين عن مساعدته ، بل تتلقى الصفعات المتتالية ... لتعود و ترقد في حزن يلتهم جسدها ، و تدفن رأسها في صدر زوجها الحبيب البارد المرتجف ، و هو يهمس بتقطع إسمها "جين ... جين ..... جين" .. حتى إنطفأت الشمعة الأخيرة فيه مع إسمها "جين" و همس لها "إيطاليا ... إيطاليا العزيزة" ..................

و مع إنطفاء تلك الشمعة ، قررت جين أن تطفئ شمعتها هي الأخرى .. لينعما بأبديهما .....................................................................
بينما أنا أذرف دموعي في صمت و إرتجافة من قلبي و أنفاسي ، لم أمسحها ، فقط تركتها تسيل في رهبة ذلك الحب ، و في صمت أمام ذلك الفنان الذي ذُكِر و مُجّد فقط بعد موته ، بينما كان يتجول في آخر ساعات حياته الطرقات الباردة تحت المطر ، و المرض يمزق صدره ، باحثا عمن يبتاع له لوحاته الثمينة من السكارى لأجل بضع فرانكات للدواء ...... !

و في اليوم الخامس و العشرين من يناير في كل عام ... تذهب إبنتهما الوحيدة جين لتنثر الورود على القبر الوحيد الذي ضمهما سوية ، و تتلو صلاتها الصامته .

نور بدر
11/6/2009
12/6/2009
الخميس 3:15 فجرا
بعد الإنتهاء مباشرة من القراءة المستمرة في ليلة واحدة

*****

أما عن اللوحات .. فأنا لن أتحدث بغير الصمت أمامها ..... حيث تأسرني تلك الخطوط الرفيعة ، فتلهمني الصمت .................................................... .... ............ ...... ................ .. .........

0 comments: