BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

مصــــــر

مصــــــر
فلترفعوا عيونكم إليّ ، لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ ، يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه ! -أمل دنقل


كانت النبوءة :(الناس نيام، فإذا ما انتبهوا ماتوا!)؛ و قد كٌسرت البلورة فوجبت

ما أجمل كلمات البشر الإقصائية .. و كيف تظهر إغراءها الفاتن بطائفيتها .. و كيف تشع عنفا تعصبيا .. و ما يجعلها اجمل؛ هو أن باطنها لم ينجلِ بعد على ظاهرها .. فهيهات أن تعرف قوة الإغراء بأن تكون ممثّل الرب على الأرض .. بأن تنطق بكلمات مهيبة تشعرك بألوهيتك !

___________________________________

آه ، إن قوة الأرض و الدم مخيفة حقا. إنها لتستطيع أن تجذبنا إليها في كل حين كلما أردنا ارتفاعا ! - "سلطان الظلام" توفيق الحكيم


Wednesday, December 19, 2012

الرّصاص المعقوف



إن الرصاصة التي ندفع فيها.. ثمن الكسرة والدواء؛
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا جهارا
تقتلنا، وتقتل الصغارا !

أمل دنقل

Saturday, December 1, 2012

ثلاثاء المراقبة - جمعة المشاركة


ثلاثاء "للثورة شعب يحميها" كانت للمراقبة .. نزلت وحيدة ، فكنت في وضع المراقبة أكثر .. الوضع كان يحتاج تقييم لأن الوسواس لم يتوقّف عن الوز على النزول ، المشاركة ، الإعتراض .. لكنّي حللت و قيّمت و كانت مفيدة ليوم الجمعة - اليوم

اليوم "الليلة بمعنى أصح" .. كانت فاعلة و هادرة ، كانت أول مشاركة حقيقية لي في التحرير بعيدا عن الفيسبوك .. كانت ليلة تستحق مع زهراء ، حيث كان اول نزول لها للتحرير غيرجمعة تنظيف الميدان بعد التنحّي ..

قد أعود مرة أخرى ، للبوح بما يعتريني من تعليقات هامة


نور بدر
الجمعة - حلم الشّهيد - التحرير
30/11/2012
الساعة 3:14 فجرا

Monday, November 19, 2012

خواطر محترقة (4) و الأخيرة .. مع "السّنجة" ..

بالأمس صباحا، انتهيت من رواية "السّنجة" للدكتور أحمد خالد توفيق .. و كانت مشاعري عاديّة ، حيث سبق النّهاية أحداث أفظع، و هي حادثة قطار أسيوط الذي راح نتيجته حوالي 75 طفل حتّى الآن .. !

البشع في الموضوع هو أن الأطفال هم الأكثر شعورا بالألم .. هم من يذهبون ضحايا الآن نتيجة ترتيب اختياراتنا التي قمنا بها ، و نتيجة إهمال و نتيجة قسوة المجتمع و السيّاسيين الجشعيين الأنانيين ، و قسوة هؤلاء الذين يعتبرون الذّهاب إلى غزّة بالمعونات هو الجهاد الحقيقي بينما جرحى أطفال القطار يموتون بسبب نقص الدواء و الحقن ! الذين يأتون بالغزّاويين إلى مستوطنات في سيناء ، بينما لم يرحموا من في العشوائيّات ينامون كل يوم و هم يئنّون !

هم أيضا بشر .. و نحن لا نسمع و لا نشعر ، لقد اعتدنا هذه الحياة الظالم أهلها .. لقد اعتدنا رؤية الدماء ، و الجثث ، و الصواريخ و القطارات الملطّخة بالدماء ، و الطرق المتناثر عليها الأشلاء، وسقوط الأبنيّة كأطلال على رؤوس من فيها .. مناظر سرياليّة تغري أي كاتب أو شاعر بالكتابة عنها و إفراغ ما في جوفه على ورقة أو مدونة "كحالتي" و لكن الآدميين الذيين يعيشون مع الحدث ، هم الوجع الحقيقي !

على أي حال ، ستظل يوتوبيا في المقدّمة بمراحل .. كانت هي العصارة ، و هي الواقع الكابوسي ، و هي المستقبل الغامض ، و الماضي الذي يسيطر

Saturday, November 17, 2012

و يمضي القطار !


صوت القطار القادم من بعيد؛ يهدر ..
تماما كما الطائرة تعوي من بعيد ..
لكن الإنسان؛ أبى إلا أن يضغط على زر "الصامت" ..
فتصير اعباء الحياة صامتة كالصّخرة الصّماء على القلب !

فلا تقل لي " أحَدٌ أحَد" ..
فالسماوات قد اهتزّت .. و حدث ما حدث !


نور بدر
17/11/2012
السّبت : حادثة قطار أسيوط الذي أودى بحياة 75 طالب

Tuesday, November 13, 2012

خواطر محترقة (3) .. مع "السّنجة" ..

"حرام عليكِ يامّة .. أنا معملتش حاجة"
"لم تكت هذه هي المرّة الأخيرة .. كانت هناك مرّات .. و بدا أن حماصة لن ينتهي أبدا"
"لاغ تؤذها .. فهي بنت غلبانة. أنت أولا يا عبد الظّاهر"

هي لم تكن تطيق أنفاسها ، فكيف بأنفاس البشر و كيف بشمس تطلع كل يوم على جسد لا يستحق الحياة بعد الآن: فقط أصبح ضدّها !

"كان القطار يمر في هذه اللحظات و يهز الكون كلّه .. يهز النّفوس .. يهز القلوب .. يهز العشش الحقيرة التي لم تستطع أن تخفي أسرارها ، فقانفتحت كجرح مقزز .. يهز المسلّمات"

القطار البريئ في حد ذاته ، و الذي شهد محطّات أفضل و أجمل و أكثر إنسانيّة من تلك .. القطار الذي يهدر من بعيد، فيثير الشجن و الحنين .. و لكنّة الآن يفوح برائحة موت عجيبة ، تختلط بكل قسوة مع رائحة الخشب المحترق ، و جثث ملقاة ، و ذعر في العيون و رغبة دفينة في انتحار القفقر مع الإنسان في آن واحد.

"كان يتذكّر عفاف الرّشيقة النّاضجة و هي تنطلق في شارع النوساني لترفل هذه الطّرحة أو تلك ، مفعمة بالزّهو بأنوثتها، و على الرّغم من الفقر فهي تتوقّع أن الغد أفضل"
"من القسوة أن تطالبهم بتحمّل المزيد من المعاناه"
"إن الكلام سهل، و إن إشعال الحماس في الجماهر أمر هيّن .."
"فقط من يشعلون حماس النّاس لا يحدث لهم شيء أبدا ، و لا يفقدون أرواحهم و لا أرواحهم أو عيونهم .. إن حروف لفظ "ثوروا" هي خمسة أحرف.. يمكن أن تكتبها في خمس ثوان و تنام راضيا عن نفسك"

من السّيء أن تشعر انّك من هذا الفصيل ، و الأسوا أنّك كنت مؤمن بها و ليس عبثا أو لهوا أو تخطيط سوداوي منّظم .. إنه الحلم ، الحلم المثالي مرّة أخرى .. لكن هيهات الحلم ، فهناك من خلقوا ليحوّلوا أي حلم إلى أسوأ كابوس ممكن. إعتدنا على أن الحلم لا يكلّف ، و لكن هنا، على أرض الوطن، يكلّفنا كل شيء منذ الميلاد حتّى اللحد. و من الصّعب أن تعوّض ما فقده، ناهيك عن أنّك لن تعوّض الحلم نفسه !

خمسة أحرف في خمس ثواني، و لكن ما يعقبها أعوام من تحمّل النتيجة .. و ما يعقبها محاسبة ضميرك. و ما يسبقها ، تساؤلات: و ماذا عن نفسك ؟ أتكتبها لنفسك ؟ أتكتبها ضعفا ؟ أتكتبها مشاركة ؟ أتكتبها للآخرين فيقوموا نيابة عنك ؟ .. و ماذا عن الميلاد و الموت ؟ أتعد بهما ؟ أتنطق وعودا تعرّف إنّها ليست في يديك ؟

كم هي ثمينة تلك الدّموع التي تذرف حسرات على نفسك .. حسرات على طاقتك المهدرة .. أغبياء، ألا تستغلّوا طاقتي و إضافاتي و أبداعي .. غباء ، أن أهين نفسي لهؤلاء الأغبياء الرأسماليين. "رأسماليون" هنا ليس مصطلحا ضحلا ، أو عميقا؛ هو فقط يعني لي حالبي البقرة لإنتاج الحليب المجفف !


نور بدر
  13/11/2012 الثلاثاء 
من السّاعة 9 حتى 3 عصرا
العمل

Tuesday, November 6, 2012

خوطر محترقة (2) .. مع "السّنجة" ..

"هكذا كان شد السّنجة يعني الثورة .."
ستظل الثورة أمنية بريئة تشع مثالية كحلم لن يتحقق أبدا .. كحلم يملؤك نشوة و فوران كلما أردت أمتعاضا ، ثم تشعر أنّك قادر على أي شيء ..

"قاموا باعتصام فلم يعبأ بهم أحد .. الزّمن يقتل أي اعتصام ، و هم يعرفون هذا جيدا"
أي شيء أنت قادر على فعله ، و هكذا يطاردك حلم الثورة كلما كنت مُهمَلا و لا يعبأ بك أحد .. سوف تدمن الشعور و تتمنّى لو انك تتخلّص من قلقك على البلد ، من القلق على النتائج .. قلقك على المنطق و المبادئ .. قلقك مستمر ، و لكن الثورة؛ آه ، كم هو جميل أن تخرج كل هذا الرّفض و تصرخ مع كل الرّافضين في صوت واحد .. تصرخ و تسب و تلعن كل هذا الكم من الصمت المطبق على رئتيك و الذي تراه ضجيجا مزعجا جدا في عيون الآخرين !

"هكذا كان شد السّنجة يعني الثورة .."
كم يتمنّى الواحد منّا أن يشد سنجة نفسه و يعطّل العمل ليعرف اصحاب العمل كم هو مهم و لو لإدارة جزء صغير من عمله .. الأجزاء الصغيرة تافهة فعلا ، و لكن هل أنت مستعد للتخلّي عنها ؟ افعلها و سوف تجد "التوقّف" لك بالمرصاد .. افعلها ، و سوف أكون ممتنّة لك .. و لكنّك لن تقدر ، انت لا تراها ، لا تشعر بأهميّتها .. لكن دعها تقف في طريقك ، و لو سوف تدعس عليها لتستمر و تستمر ، لتحلب لك ما تريده حتى تجف !

أعترف ، مازلنا صعفاء .. أنا مازلت ضعيفة و صوتي موجات فوق سمعيّة ، و عيوني توصل الرسالة بخجل .. و رغم ذلك ، يستقبلها جشع للمزيد من تلك العيون الزجاجية التي تتلألأ فيها الدموع .. كم هي مهمّة تلك الدموع، حبّات لؤلؤ لا يقدرها أحد .. لا يقدرها سوى عيونك و جسدك الذي لم يستطع التحمّل أكثر .. فهو مدين لها استخراج شحناته الزائدة و التهوين عليه قليلا ..

"الثورة"
حلم بريء عذري أهوج كطفل يمسك بكل الألوان و ينطلق ليرسم على كل جدران المنزل يرسل رسائله المبدعة التي لا يفهمها أحد سواه .. فقط هو بداخله جمال و ألوان و روعة يريد أن يخبرنا بها ، يحمل أفكارا و تساؤلات لا يعرف كيف يعبّر عنها .. فتصرخ الأقلام على الحائط و يستهلك قلبه الرقيق ، و يضحك في عينيك .. "فقط لو أني أفهمك" .. !


نور بدر
6/11/2012
الثلاثاء - الساعة 5:20 مساء
العمل

Monday, November 5, 2012

عن قلب الزيزفون

كم تشبه الزيزفون ..
هذا الزيزفون اعتاد أن يرحم ..
هذا الزيزفون ارسل رحماته على "الفونس كار" و "المنفلوطي" و "انا" و أنت" و "الفيتوري" و "دار الاوبرا المصريّة" و غيرهم الكثير ..
هذا الزيزفون يستحق أن يزرع في كل مكان ..

خواطر محترقة (1) .. مع "السنجة" ..

خطر لي اليوم و انا أقرأ "السنجة" لدكتور أحمد خالد توفيق ، أن أكتب خواطري و أفكاري التي تملأني مع أول كلمة أقرأها في صفحات تلك الرواية التي تهزّني تفاصيلها الصغيرة .. تفاصيل مثل كلمة ، جملة ، وجه على جدار يتكوّن أو حلم يتراءى على صفحة البحر ككابوس ..

كيف يمكن أن يكون مثل هذا المكان قابع على شاطيء البحر ؟ .. كيف يمكن أن يستمعوا إلى صوت هادر من بعيد ، يكسر كل ما يمكن ألا يُكسَر .. ياكل من الشاطيء ما لا يمكن استرجاعه

يقول سائق الميكروباص: قوم يا كلب .. انت فاكره حمّام سباحة ؟
لماذا لا ندع الكلب و حاله ليستمتع بتمرّغه في مياه الضّحلة أسفل الرذصيف ؟ الأجواء غائمة ن و هو يريد أن يبدأ يومه .. هل هذا كثير ؟ يبدو أن سائق الميكروباص كان يشعر بالملل ، فقرر أن يحادث هذا الكلب .. علّه يشاركه تلك اللحظات !


نور بدر
5/11/2012
الإثنين 3:30 مساء
في الشغل

Friday, October 19, 2012

ميلوفرينية










Saturday, September 22, 2012

ميلوفرينية ضــاد

شروق إلهامي
دار قلادة للنشر




       في بادرة تحدي غير مسبوقه قرر فريق ميلوفرينيا المسرحي تجسيد كِلا من الروايتين الشائكتين مجتمعيا و دينيا " أولاد حارتنا " للكاتب العظيم نجيب محفوظ و روايه " عزازيل  " للدكتور يوسف زيدان .
    الروايتان قد واجها نقداً من رجال الدين الأسلامي و المسيحي كِل علي حداه ، بل أن الأولي عرضت كاتبها لمحاوله أغتيال ، و مُنعت من النشر لأعوام .
    قرر الفريق المسرحي  " ميلوفرينيا  " أن يحول تلك الأعمال الشائكه كتابيا لمشاهد بصريه علي المسرح ليتيح للمشاهدين التعرف علي افكار مختلفه تناقض السائد لتتسع مداركهم لتلقي و تقبل الأختلاف بشكل ارحب فكريا.
    أما عن ميلوفرينيا  فهو فريق مسرحي شبابي نشأ في المنصوره عام 2009 أي من 3 أعوام تمكن علي مدارهم من تقديم عشرة مسرحيات تجمع بين الانتاج الادبي العربي و الغربي وهم ( حتى تثبت إدانته -  حياة - إلكترا  - نقطة ومن أول الثورة   - حلم الشهيد  - رجال وفئران (حلم) - أيام الحب والغضب  - أولا حارتنا  -  ميس جوليا  - عزازيل  " . وأسم  ميلوفرينيا هو من أبتكارهم وهو عبارة عن خليط من الميلودراما والشيزوفرينيا  فهم يرون أن العمل في المسرح يوفر - بشكلٍ ما - الحالتين معاً .
و يقول الكاتب الشاب والممثل والمخرج أحمد صبري غباشي أنه واجه صعوبات مع عزازيل:
" الصعوبات اللي واجهتني في عمل عزازيل كثيرة، بدايةً من سخرية البعض من الفكرة نفسها ، وتأكيدهم باستحالة مسرحة الرواية، مروراً بالصعوبة الفعلية الشديدة لمسرحتها على الورق حتي أنهيت كتابتها، وأيضاً الصعوبات الفنية نفسها إخراجياً في عرض ضخم وغني كذلك، وطبعاً على مستوى التجهيزات ، واختيار الممثلين وإعدادهم. حتي وصل الأمر لهجمة شرسة مؤخراً على العرض من بعض كبار الرموز في الوسط لدفن المسرحية بأشكال كثير . اشتركت بالعرض في مسابقة ضمن مهرجان "آفاق مسرحية" .. و ذلك أهم وأكبر المهرجانات المسرحية في مصر حالياً . وإن شاء الله متفائل خير" .
 
أنهي المخرج حديثه قائلا :
" فريقي "ميلوفرينيا" نفسه هو مجموعة من الشباب الواعي المثقف الموهوب، اخترت أفراده بعناية واتفقنا على تكوين منظومة مسرح مختلفة وراقية تُنتج هي شغلها بنفسها .. كتابة وتأليف وإعداد ومزيكا وإخراج وسينوجرافيا .. عندنا كل العناصر المتوفرة ، أي أننا في حالة من الاكتفاء الذاتي .. وحملنا على عاتقنا إننا نقدم عروض تجذب الجمهور لتعيده للمسرح " .
 
يذكر أن الفريق تابع لمشروع ضاد الثقافي وهذا المشروع هو جبهة إعلام عربية على الإنترنت نشأت في 2009 و تسعى لنشر الفكر والثقافة العربية  بشكل توعوي عن طريق نشر الإبداعات في مختلف مجالاتها ، والترويج لأبرز أسماء الثقافة العربية والفن والعلوم العربية و ترسيخ مفهوم الاعتزاز بكل ما هو عربي .. لغةً ، وثقافةً ، وحضارةً ، وفناً و يقوم بأدارتها مجموعة متنوعه من الشباب من جنسيات عربية مختلفة  فمنهم الكاتب ، والرسام ، والمطرب ، والملحن ، والممثل ، والمخرج ، والتقني .. الخ
مسرحيه "أولاد حارتنا " تم عرضها في سمنود و لاقت نجاحاً هناك و سيتم عرضها مجدداً في ميت غمر يوم 6 أكتوبر القادم ، أما مسرحية عزازيل سيتم عرضها في 15 أكتوبر بمسرح البالون بالقاهرة .

Friday, August 17, 2012

العهدة العمريّة

نص العهدة العمرية:

"بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء "أهل القدس" من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.

وعلى أهل إيلياء أن يُع طوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.

وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.

شهد على ذلك: خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان."

Thursday, August 16, 2012

الرّحمــة


عشتُ طوال حياتي بإحساس أني مُبعد عن مكاني الصحيح؛ إذا كانت عبارة "المنفى الميتافزيقي" محرومة من المعنى ، فإن وجودي وحده كافٍ ليعطيها إياه.

..إرحموا من كان في الزمن ولم يعد قادراً أن يكون فيه!

إميل سيوران

Tuesday, August 14, 2012

فراشــات

يكتب محمّد صبري، يقول:


ƸӜƷ
ميثولوجيا (أساطير وعقائد) ورمزية الفراشات في الحضارات القديمة : - يؤمن شعب الناواتل فى المكسيك بأمريكا الشمالية ان
الفراشات هى ارواح الاطفال الموتى التى تعود الى مواطنها الاصلية قبل ان تختفى مجددا .. والسبب فى هذا الاعتقاد هو عادات الهجرة لدى الفراشات .. فقد اعتادت الظهور فى مطلع نوفمبر من كل عام وتحديدا فى الثانى من نوفمبر بالتزامن مع احتفال شعب الناواتل (المكسيكيين) بعيد الموتى .. حيث تظهر الفراشات بكثافة شديدة جدا فى غابات وسط المكسيك لدرجة ان اصوات رفرفة اجنحتها تكون مسموعة بوضوح تام ! .. وتستمر فى التواجد طوال موسم الشتاء قبل ان ترحل مع نهايته الى الشمال وتموت .. (وكأنها ارواح الاطفال تزور مواطنها وقت الاحتفال بها ثم ترحل ثانية الى عالمها الآخر) ..!

- اعتقدت شعوب الإزتك والمايا (الأمريكيين الأصليين) أن إله النار يمثل فراشة .. فالنار مثل الفراشة تمثل رمزا للتحول .. (كانت دورة حياة الفراشة وارتباطها بالقدرة المدهشة على التحول سببا رئيسا فى تقديسها .. وبالنسبة للنار فهى تمثل رمزا للروح وللتحول ايضا، وعلى سبيل المثال فالنار فى الحضارة المسيحية هى رمز لافعال "الروح القدس" فى الارض وقدرتها على تغيير وتحويل اى شىء .. اى انها رمزا للروح ورمزا للتحول معا) .. - فى اليونان القديمة كانت الفراشة رمزا للروح ..

وكان اليونايين القدماء يمثلون الروح بعصا فى المنتصف ذات جناحين على جانبيها، ومن هنا جاءت رمزية الفراشة لتعبر عن الروح،،

كما ان الفراشة فى اليونان القديمة ايضا كانت رمزا للقدرة المذهلة على التحول والتغير والتجدد والنضج والاكتمال الانثوى!، ومعظمنا يعرف اسطورة كيوبيد (إله الحب في الميثولوجيا الاغريقية) وقصة الحب العجيبة التى ربطت "سايكي" و"إيروس" بعد ان كان مفترضا لـ "سايكي" ان تكون العدو الأول والأشد خطرا لـ "إيروس"! .. وكلمة "سايكي" باليونانية اصلا تستخدم للاشارة الى "الروح" و "الفراشة" معا كما انها تعنى "المرأة فائقة الجمال" او "الأنثى المكتملة الجميلة" .. فسايكي هى الروح وهى الفراشة وهى الحب فى انقى صوره وهى الانوثة المكتملة والجمال المقدس وهى التى كانت سببا فى ان تتحول سهام كيوبيد القاتلة الى ترياق للحب والحياة!

والخلاصة العامة من الميثولوجيات والاساطير والعقائد القديمة هى ان الفراشة رمزا بالاساس للروح ، والقدرة اللامحدودة على التجدد والتغير والتحول والنضج والاكتمال والحب ..
ƸӜƷ

Tuesday, August 7, 2012

فل ... فقط للبيع ،،


انا عندي البذور:

يا مين يزرع ؟
يا مين يروي ؟
يامين يحصد و يقطف ؟
و يامين ينشر في الأرض زهوري ؟


Friday, August 3, 2012

مرايا

يذكّرني بنفسي حين كنت أنأى بها بعيدا بدون ان اعي اني انجرف بها بعيدا حيث لا يمكن ان استردّها الا بشق الأنفس. حين كنت اقتضب ، و اصمت خوفا و طمعا؛ يتلقّفني الرجاء حينا و التفكير حينا .. اصمت و الصمت كان خطيئتي و غيابي. يذكرني بآمال انقطعت إلا عن بعض أمل يهزّها هزا.

يذكرني بقسوة الملح ، بقسوة الحب الذي تخلّى عنه القلب تاركه وحيدا في بحر لوجّي .. الملح تلال تلال؛ و الشمس تكسوها حمرة الشوق لماء البحر و البحر يهيج تاركا ملحه و يصّعّد ذرّة ذرّة.

يذكّرني بأحرف متبعثرة هنا و هناك بين وجهي مرآة آثمة من رؤيتنا عراة؛ تفجعنا تفاصيلنا التي لا نعيها، لا يغلّفنا الا ضباب الفجر الذي لاح من دون ان ندري. من دون ان تلفحنا منه سوى نسمات غير عابئات بأن تمرر بعض الرحمة الى جوفنا. فنضمحل ساعة و نغوص في اضمحلالنا بينما تستنجد منّا ارواحنا المتعلّقة بأجسادنا التي تهرم. 


نور بدر
3/8/2012
11:00 ليلا
الجمعة

Wednesday, August 1, 2012

لحظة إنقطاع الكهرباء

يسألني: إلى أي حد ؟
فقلت له: حد التّعب !
فيصمت ،
و تصمت من حوله الأجراس
و يهدأ الشاطئ حيث رسى
و يرسو على مراسيه التّعب ..!

نور بدر
31/7/2012
11:10 مساء
أول حديث بعد غياب المرض

Saturday, July 28, 2012

نارام سرجون - فارس بلا رأس !

يلومني الكثيرون على تجاهلي لما يسمونه "ثورة الربيع العربي" واصراري على اشاحة نظري عنها بازدراء .. ويسوق لي البعض المقالات والمقابلات وصورا من اليوتيوب .. لكنني لم أستطع ابتلاع هذه الثورات ولاهضمها ولااستساغتها .. وموقفي ليس عنادا ولاتشبثا بنظام ولابعهد بل هو انحياز نحو عقلي وقلبي أولا وانحياز نحو كل ماتعلمته وقرأته .. وأنا قرأت كل ماقرأت في حياتي كي أتمكن من استعمال عقلي في حدث مفصلي كهذا .. وكي لا أسلّم بالأشياء فقط لأن الجمهور يريد ذلك ولأن بوصلة الشارع لاتخطئ حسب مايزعمون .. انني لاأحب السير مع القطيع الذي تقوده الذئاب ..بل وتسير بينه الذئاب .. ولاأحب الثورات التي لاتعرف نكهة الفلسفة ولا نعمة الفكر..فهذا برأيي ذروة الكفر..


لاتلام الديكتاتوريات اذا لم تكن لها فلسفة ولا فلاسفة يعتد بهم وبفكرهم .. فالثيران لاضروع لها لتنتج الحليب ..ولا أتوقع أن تنتج الديكتاتوريات فلسفة ذات أثر .. لكن لايغفر للثورات فقرها بالفلسفة وغياب الفلاسفة والمفكرين عنها وهم الذين يضيؤون ويتوهجون بالأفكار .. والثورات العظيمة يوقدها عظماء وتضيئها عقول كالشهب وتتكئ على قامات كبيرة ترسم بالنور زمنا قادما بالقرون .. وغياب هؤلاء يسبب تحول أي ثورة الى مجرد تمرد أهوج وانفعال بلا نتيجة سوى الدمار الذاتي..

الثورات الشعبية عادة هي انعكاسات لصراعات اجتماعية عميقة .. وسلوك الثورات انعكاس لفلسفة بعينها تغذيها .. فلكل ثورة صراعها وفلسفتها وقاماتها .. وبالتالي لها أبطالها على الأرض وفلاسفتها .. وغياب الفكر والفلسفة يجعل الثورة تمردا ليس الا ولا تحمل الا صفات الانفعال الشعبي والغوغائي .. فالثورة الفرنسية كانت رغم عنفها وجنونها ثرية بالفلاسفة والمفكرين الذين صنعوا من فعل الثورة حدثا مفصليا في التاريخ عندما تحولت هذه الثورة الى وسيلة صراع اجتماعي مسلحة بالفكر الثرّ وبالمنطق الذي لايزال يجري في عروق قيم الحضارة الانسانية .. كان الدم يسيل في طرقات باريس ومن مقاصلها ومن جدران الباستيل لكن كذلك كانت المصطلحات الثورية والمفاهيم الكبرى الفرنسية الصنع والصياغة عن المساواة والحرية تطل من الشرفات وتضيء مع شموع المقاهي .. وتفوح كالعطر من مكتبات الثورة ومؤلفاتها.. فكدنا نرى مفكرين وفلاسفة وكتبا أكثر من أعداد الغوغاء التي اجتاحت باريس ..فلاسفة الثورة الفرنسية ومفكروها كانوا أكثر عددا من الثوار الذين زحموا الطرقات ..

وكذلك كانت ثورة البلاشفة في روسيا فبرغم أن من قام بها كانوا على درجة كبيرة من الأمّية (الذين أطلق عليهم البروليتاريا) فانها اعتمدت على فلسفة عملاقة هي الماركسية والماركسية اللينينية وكل متخماتها من جدلية هيغل ومادية فيورباخ ..ويروي المؤرخون حادثة تدل على أن من قام بالثورة البلشفية لم يكن يعرف ماتقول فلسفة الثورة لكنه كان منجذبا الى حد الانبهار بفلاسفتها وفلسفتهم دون أن يفقه منها شيئا لكن مفكري الثورة كانوا يعرفون عن البروليتاريا كل شيء .. فقد كان لينين الساحر المفوّه يخطب في حشد من الناس ويبشرهم بأن البروليتارية ستقوم ببناء القاعدة المادية الفولاذية للثورة ..وهنا اندفع احد المتحمسين من المحتشدين وصاح بتأثر وحماس: أيها الرفيق لينين ..انني حدّاد وأنا سأضع كل امكانياتي وخبرتي في صناعة الحديد في بناء هذه القاعدة الفولاذية .. بالطبع ماقصده لينين كان غير "المصطبة الحديدية" التي قصدها الحداد ..

واليوم يحاول الكثيرون تسويق الربيع العربي على أنه ثورة من ثورات العالم الكبرى التي تتعلم منها الأمم والشعوب برغم ان هذا الربيع لايعدو في أعلى مراتب التوصيف أن يكون تمردا اجتماعيا متشظيا قائما على الانفعال العاطفي الوجداني لجمهور تائه لايختلف عن الحدّاد الذي أراد أن يبني "مصطبة" القاعدة المادية الفولاذية للينين .. فقد غاب عنا في هذه الثورة العربية "المترامية الأطراف" من شمال افريقيا الى اليمن السعيد والى سوريا شيئان مهمان هما فلاسفة الثورة الكبار ومفكروها ..وكذلك غابت كليا فلسفة الثورة .. واللهيب الذي نراه اليوم لم يوقده فلاسفة ولاعمالقة ولاقامات ولاهامات ولافكر .. هذه ثورات أوقدها النفط والجهل وحديث التعصب والتدين السياسي .. وليس القهر والحرمان والديكتاتوريات .. أما فلاسفتها الحقيقيون فلا يتكلمون العربية !!..
البحث عن ماهية فلسفة ثورة الربيع العربي عمل شاق للغاية ..والأكثر شقاء هو البحث عن فلاسفة الثورة والخزانات الفكرية الضخمة التي تستمد منها الثورات الكبرى طاقتها الخلاقة .. وقد حاولت ولشهور طويلة متابعة شخصيات هذه الثورة وكتاباتها وكتابها ولاحقت عيناي كل المقابلات الصحفية والبرامج التحليلية لكنني ما التقيت سوى الخواء وماوجدت نفسي الا في صحراء قاحلة بلا واحات وبلا نخيل عالي القامات .. وبلا قوافل المؤلفات الكبيرة .. ولم أجد قامات مفكرين ناهضين في الثورة كأنصال السيوف ..عجبا هل أقفرت الثورات العربية العابرة للقرات من تونس الى سوريا مرورا بمصر واليمن من أية مرجعية فكرية تستند عليها الجماهير ..وتضبط سديمية هذه الجماهير وغوغائيتها ..؟؟

من جديد يعاتبني الكثيرون على انكاري لوجود ثورة ويبعثون اليّ بالمناشير ومشاهد اليوتيوب والمقالات ومقاطع المقابلات .. ولكن عذرا أيها السادة فلا أزال مصرا على انه لاتوجد ثورة عربية ولاربيع عربي بل انفعال اجتماعي وقوده مال ونفط وفلاسفته أوروبيون .. هذه حقيقة مؤلمة ..

ان كل مارأيناه هو حركة فوضوية لجمهور بلا قيادة وبلا قائد وبلا عقل مدبر ..وهنا كمنت الكارثة الوطنية .. فالربيع العربي "العظيم" لم ينتج أكثر من منصف المرزوقي في تونس التي ذهب فيلسوفها الصغير الغنوشي سباحة الى نيويورك ليقايض كتبه في ايباك بثمن بخس هو "السلطة".. وهذه ليست من صفات فلاسفة الثورات الذين تأتي اليهم الدنيا لتسألهم عن فعل الثورة ولايذهبون الى تسول الاعتراف بثوراتهم ..

ولم ينتج الربيع العربي في ليبيا سوى "مصطفى العبد الذليل" الليبي فيما لم يكن هناك مفكرون اسلاميون من وزن المفكر الصادق النيهوم الذي كان قادرا على قيادة ثورة فكرية تقود الجمهور الغاضب .. وفي كل ثورة مصر لم نسمع بمرجعية ثورية واحدة ..سوى شاب عشريني يسمى وائل غنيم !! .. والفجيعة كانت أن كل هذه الثورات تتبع مرجعية قطرية خليجية مدججة بالزعران والمجانين وصغار الكتاب الذين كانوا أكثر أمية من الدهماء في شوارع الثورات وأكثر عددا من المتظاهرين في أحياء الثورة السورية .. وكانت هذه الثورات مجهزة بقاذفات الفتاوى الدموية الرديئة المخجلة والخالية من الانسانية والمليئة ب "الاسرائيليات" والأساطير ..
في كل يوم يحاول "فقهاء" الثورة العربية حل هذه المعضلة والاشكال عبر ضخ أسماء عديدة ومنحها ألقابا مفخمة من باحث الى أستاذ العلاقات الى بروفيسور الى رئيس مركز الى ..الى ....والحقيقة هي أن صنّاع الثورة والمدافعين عنها يحاولون تجاوز هذه المعضلة الحقيقية خاصة بعد انهيار أسطورة المفكر العربي عزمي بشارة واحتراقه حتى التفحم ..

عزمي هو الوحيد الذي لعب دور فيلسوف الثورة والربيع العربي باتقان .. كان مفوها وكان في منتهى الدهاء فهو يوصّف الثورات وأمراضها بمكر وكان من الخبث لدرجة انه لامس الوجع الاجتماعي العربي وجعل الناس تنسى أنه كان عضو كنيست اسرائيلي و مدير الأبحاث في معهد فان لير الاسرائيلي في القدس.... والأكثر من ذلك أنه أنسى الناس أنه المفكر الذي يعيش في كنف اللافكر وتحت ابط الانحطاط الأخلاقي والثقافي وتحت رعاية أكثر الأنظمة جهلا وقمعا .. وبعد تلك المقابلة المهينة مع أخيه علي الظفيري وتوسلاته بتجنب الأردن في منظر صدم كل من شاهده رأى الناس احتراق الفيلسوف الوحيد للثورات العربية كبئر نفط وقعت عليه كتلة من اللهب .. ولم تتمكن الجزيرة وكل المعارضات العربية من انقاذ حريق الفيلسوف رغم كل سيارات الاطفاء .. الفلسفة قد تسقط لكن لاتحترق ..والفلاسفة قد تحترق أجسادهم لكن لا تحترق أقوالهم وقاماتهم .. واحتراق الفيلسوف يدل على تفاهة قيمه وأنه مجرد ثرثار يردد مقولات الفلاسفة .. وعزمي كان يحترق بشدة وتنطلق منه غمامة كثيفة سوداء كاحتراق الفوسفور المتوهج على أجساد أطفال غزة .. وسط دهشة الجميع وانفغار الأفواه المذهولة ..

قللت الجزيرة من حضور الفيلسوف المحترق لكنها عجزت منذ تلك الحادثة عن تصنيع فيلسوف آخر وكانت كل محاولاتها لنفخ الأبطال والمفكرين تصطدم بعقبة غريبة .. وهي ..أنه يمكن لهذه الثورات والربيع العربي أن ينتجا مقاتلين ومتظاهرين وراقصين في الطرقات ومصورين وممثلين على اليوتيوب لكن يستحيل انتاج فلسفة أو خلق فيلسوف .. لسبب بسيط أنها ليست ثورات طبيعية وليست ثورات قائمة على تطور منطقي يصنعه جهابذة فكر وعصارات عقول المجتمعات .. فالثورة عادة تأتي بعد نهوض الفلاسفة واضاءاتهم وزرعهم البذور واختمار أعنابهم .. أما أن ينهض الفلاسفة بعد الثورات فمحال ..ومستحيل..والأكثر استحالة أن تنتج ثورة فلسفة ..لأن الفلسفة هي التي تنتج ثورة .. ولذلك انتبه الاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل الى هذه الحقيقة وحاول انقاذ ثورة عبد الناصر بحقنها بالفلسفة ..فكانت محاولات اطلاق فلسفة الثورة التي نجحت نسبيا لسبب واضح وهو أن ثورة عبدالناصر تميزت أنها لم تكن دموية ولم تكن ثأرية ..لكنها كانت تعكس اضاءات فلسفات أخرى مجاورة في الهند (غاندي) وفي روسيا (الاشتراكية) .. وكانت تالية لانكسارات وحطام الامبراطوريات الكبرى بعد الحرب العالمية .. 

المعارضة السورية حاولت نحت شخصيات رمزية وقدمت برهان غليون بطريقة دعائية صارت عبئا عليه وعبئا علينا فهو رئيس مركز دراسات الشرق المعاصر وهو مؤلف وهو بروفيسور سوربوني وهو كل شيء .. لكن أداءه الرديء وتناقضاته الفجة مع ماكتب في السابق طوال عقود ضد الاسلاميين لم يجعله مفكر الثورة ولافيلسوفها ..فمن غير الممكن أن يكون غليون فيلسوف الثورات الدينية وهو من خرّق المفاهيم الاسلامية وسفّه تياراتها عملا وقولا وكتابة .. علاوة على ذلك فان الفيلسوف هو من يرفض الانضواء في قيادة الثورة بل يغذيها ويضيئها .. لكن غليون بدا صغيرا وضئيلا وهو يستمتع بلقب الرئاسة لمجلس لاقيمة له ..وبدا أن أقصى طموحات الفيلسوف هو السير على سجاد أحمر وامضاء الأيام في الفنادق الفخمة والحديث الى كل الفضائيات وقطف النجومية الاعلامية ولقاء مذيعات العرب وليلى وخديجة وبسمة و و .. ولذلك لوحظ أنه بعد توليه رئاسة المجلس الوطني السوري طارت عنه صفاته العلمية الخارقة فجأة وذابت توصيفات عبقرياته وانجازاته الفكرية وتحول من مفكر وفيلسوف للشعب السوري وثورته الى رئيس مجلس معارض ينتظر راتبه وتجديد عقد عمله شهرا بشهر .. وكان سقوط كل صفاته العملاقة التي أسبغت عليه هو نتيجة منطقية لأن كل ما منح له من صفات كان مثل باروكة وألبسة واقنعة مسرحية طارت مع عاصفة مواجهة الميدان الفكري للفلسفة الثورية ..فانكشفت صلعته بعد ان اقتلعت الريح الباروكة التي وضعتها له الجزيرة .. ولن يجديه بعد اليوم الهرولة خلفها ..فلن يظفر بها .. في هذه الرياح العاتية التي لاترحم ..وربما كانت غلطة عمره لأنه انخرط شخصيا في العمل السياسي بدل بقائه بعيدا كرمز فكري وملهم للثورة ..وكان من الممكن أن يكون في مرحلة ما ضمير الثورة وأن يوصل الجميع اليه كأب فكري للثورة .. لكنه ولغياب عبقرية الفيلسوف وسطحيته الفكرية قبل أن يستعمل كالغطاء لوجه الثورة الديني ..وقبل بالعمل لدى أعرابي جاهل مثل حمد ..وبالعمل لدى هيلاري كلينتون بوظيفة مصطفى العبد الذليل ..باسم برهان الفيلسوف الذليل..
ومن سوء طالع الثورة السورية انه لاتوجد اسماء أخرى يمكن تصنيعها لملء الفراغ ..والسبب هو غياب أي فكر خلف هذه الثورة.. ولكن السبب الأهم كما أعتقد هو أن الفلسفة الحقيقية للثورة والفلاسفة الحقيقيين للثورة ليسوا في صفوف الثوار بل في أعضاء مجلس الأمن الغربيين .. وبنبش المزيد من الأتربة التي تغطي وجه هذه الثورة سنصل الى مفكر الثورة وفيلسوفها الرئيسي وهو الفيلسوف برنار هنري ليفي ..وفلسفة ثورته هي في الحقيقة اللجوء الى التدمير الذاتي للقوى الاجتماعية العربية عن طريق اطلاق التمرد الشعبي وحرمانه من الفكر الذي يوجه سديميته ..فيتحول الى فوضى يتحكم بها فلاسفة الثورة الحقيقيون في الغرب وعلى رأسهم ليفي نفسه ..

بالطبع مايثير السخرية الشديدة هي الثورات المدججة بالهزال الفكري والقحط والتي تشبه مواليد المجاعات الافريقية ..ويكفي الاستماع للفيلسوفة رندة قسيس مثلا وتعذيبها للغة العربية وحروف الجر وارغام الفعل المضارع على أن يكون مجرورا من رقبته بالكسرة ومضموما الى فعل أمر !! .. بل اصرارها على اطلاق زخّات العلم والمعرفة بالحرية حتى كدنا نظن أنها ابنة توماس مور .. ويكفي الاستماع للفيلسوفة فرح أتاسي ومرح أتاسي وكل رهط الأتاسي حتى نعرف الى أين وصلت بنا المآسي عبر فلسفة الأتاسي .. أما الاصغاء أو قراءة فيلسوف الثورة السورية الذي يرتدي قبعة "ايمانويل كانت" أي - محمد عبدالله - فيوحي أن الفلسفة تمر بأزمة نفسية خطيرة خاصة عندما نقرأ تحليله لأسباب الفيتو الروسي الأخير .. فقد كدت أقوم من جلستي لأصفق له لأنه الوحيد الذي هزم دونالد رامسفيلد ..لأنني لم أفهم كلمة واحدة مما قال وذكرني ماقاله هذا الفيلسوف بما قاله دونالد رامسفيلد عن المجهول والمعلوم عندما قال: "هناك أشياء نعرف أننا نعرفها، وأشياء نعرف أننا لا نعرفها، وأشياء لا نعرف أننا نعرف أننا نعرفها، وأشياء نعرفها ولكن لا نعرف أننا نعرفها" ..

ولاأبالغ ان قلت ان ماقاله رامسفيلد أكثر ثراء من مقالة محمد عبدالله عن الفيتو الروسي .. وأنصحكم بقوة أن تتجنبوا قراءة ماكتبه فيلسوف الثورة السورية (نسخة ايمانويل كانت) محمد العبدالله لأنه مقال شديد الثقوب والعيوب والرتوق والفتوق والرقع الفلسفية كما تعودنا منه ..وقد تنفتقون ضحكا .. ولارتق لمن ينفتق فتقا فلسفيا ..ثوريا..

 في غياب مفكري الثورة الكبار وفلاسفتهم العقلاء وفلسفتهم تجد أن الجماهير العربية تعيش أقصى حالات التعتيم والظلام والتوهان .. لدرجة أن مثقفين كثيرين ومتعلمين وليبراليين ومهاجرين في مؤسسات علمية من أطباء ومهندسين يساندون الثورات دون أن يواجهوا أسئلة فلسفية مخيفة من مثل:

كيف لثورة أن يقودها قطري جاهل وسعودي يؤمن بنقاب المرأة أن يقود تحررا ديمقراطيا؟ وكيف يمكن لمن اقتحم الفلوجة العراقية بالسلاح الكيماوي وارتكب الفظائع وأكل لحوم البشر فيها وروى مياهها الجوفية بالمواد المسرطنة ..كيف له أن يبكي على مدينة حمص السورية المحشوة بالمقاتلين المغرر بهم والقتلة وسلاح بلاكووتر الذي أحرق الفلوجة العراقية السنية؟ كيف نصدق الأمريكي الذي يبكي على حمص وهو بالأمس حوّل الفلوجة "السنية" الى هيروشيما الشرق ..؟؟ كيف نصدق هذا الغرب في بكائه على حمص وهو منذ أشهر قليلة أمسك غزة من عنقها لتذبح وثبّت أيدي وأرجل لبنان على الأرض كي يتمكن الاسرائيلي من ذبحه..
في غياب مفكري الثورة تجد أن لبيراليين عربا وسوريين ملؤوا صفحات الانترنت بالشعارات الثورية وأعلام الثورات وصور اليوتيوب دون تبين ..اليوتيوب الآن – بكل مافيه من فقر توثيقي وفبركات - هو من يقود النخب المثقفة لأن الصورة لا الفكر ولا المفكرين هي من يحرك العقول عندما تغيب الفلسفة والمنطق والمنهج العقلي .. ولم تسأل هذه النخب ان كانت الثورة تضرب المنشآت النفطية للبلاد وتحرق المعامل وتنتقم من النظام بقتل عماله وافقار شعب الثورة؟ وفي غياب الغطاء المنطقي الفكري للثورة لايسأل هؤلاء أسئلة سهلة من مثل:

اذا لم تؤيد منطق العرعور فلماذا لاتدينه علنا وتطلب لفظه من المجلس الوطني؟ وكيف لرجل مزواج مطلاق كل صوره السعيدة مع الزعماء العرب وهم يستقبلونه بحفاوة ويبارك حكمهم (وهو القرضاوي) أن يكون ملهم الثوار ولينينهم؟
بل وفي غياب العامل المنطقي لانستغرب أن وصل الأمر ببعض المهرجين الناطقين باسم الثورة أن يستبدلوا السيد حسن نصر الله باسرائيل ..ويصل الامر أن علم اسرائيل يرفع في حمص ويتسلل متحدث ثورجي لجعل تدخّل اسرائيل لحماية الشعب السوري في حمص مقبولا .. فقر المنطق هنا أبقاه جلدا على عظم ..فالتخلص من نظام يبرر بيع وطن..وفق فلاسفة الثورة  ..
  
الديكتاتوريات التي ترحل لايؤسف عليها لكن مايؤسف عليه هو أن هذه الثورات تشبه فارسا مقطوع الرأس .. انه فارس مخيف بلا ملامح ..وبلا حياة .. جثة تتنقل من بلد الى بلد على متن راحلة قطرية فيما هي تتعفن وتنشر الوباء والطاعون النفسي والأخلاقي ..والذباب والدود والموت والاستعمار الجديد .. ولذلك لن نقول "فهاتوا برهانكم ان كنتم صادقين" .. بل خذوا "برهانكم" وثورتكم ان كنتم صادقين مع أنفسكم .. وارحلوا ..

Tuesday, July 17, 2012

المـاء القدسي

"حيث يجري نهر النّيل الذي كان أهل قريتي يعتقدون انه ينبع من بين أصابع الآلهة، و يهبط ماؤه من السماء" *
هو بالفعل النهر الذي ينبع من بين أصابع الآلهة ، و لكن أصابع البشر الأرضيين تخلّوا عنه لتستيقظ في ذات صباح و تجده قد توقّف عن الجريان .. !

* عزازيل - يوسف زيدان

Wednesday, July 11, 2012

مذبحة سربرنيتشيا - الذكرى السابعة عشر

مذبحة سربرنيتشيا، مجزرة شهدتها البوسنة والهرسك سنة 1995 على أيدي القوات الصربية وراح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص ونزح عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين من المنطقة. تعتبر هذه المجزرة من أفظع المجازر الجماعية التي شهدتها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

تم تحميل رادوفان كاراديتش الزعيم السياسي لصرب البوسنة والجنرال راتكو ملاديتش الذي قاد المليشيا الصربية بالإضافة للعديد من القادة السياسيين والعسكريين وشبه العسكريين المسؤولية عن تنظيم عمليات قتل المدنيين وتشريدهم. فيما لا يزال معظمهم متواري عن الأنظار وملاحقين من قبل الإنتربول وقوات الأمم المتحدة في البوسنة. كذلك، اتهم أهالي الضحايا القوات الهولندية العاملة في نطاق قوات الأمم المتحدة بعدم الدفاع عن أهالي المدينة وتسليم من التجأ لثكنة هذه القوات لميليشا صرب البوسنة التي قتلتهم جميعاً لاحقاً .

في شباط/فبراير 2007، أكدت محكمة العدل الدولية ما أصدرته محكمة جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة بأن ماجرى في سريبرينيتسا كان إبادة جماعية.

Tuesday, July 10, 2012

في وادينا الطّيب ... !

في بلد لا يحكم فيه القانون
يمضي فيه الناس الي السجن بمحض الصدفة
لا يوجد مستقبل في بلد يتمدد فيه الفقر ,
كما يتمدد ثعبان في الرمل
لا يوجد مستقبل

كيف ترعرع في وادينا الطيب
هذا القدر من السفلة و الأوغاد ؟


صلاح عبد الصبور ... ليلى والمجنون

Monday, July 9, 2012

نزع

كم أتمنّى أن يحمل هذا الزّفير كل ضعف داخلي ، لو يقبض روح الوهن من جوفي .. لو أن البكاء المحرومة منه عيناي يتفجّر بأشلاء حزني ؟ أبث حزني و شوقي إليك .. انت أيها البعيد 3/7/2012 نور دبر

Thursday, June 28, 2012

أحاديث

كم تلهينا أحاديث السياسة حيث غضضنا البصر عن انسانية الإنسان !

Wednesday, June 27, 2012

وداعا أيها الصديق

وداعًا أيها الغريب ..
كانت إقامتك قصيرة ، لكنها كانت رائعة ..
عسى أن تجد جنتك التى فتشت عنها كثيرًا ..
وداعًا أيها الغريب ..
كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل ..
قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس ..
لحنًا سمعناه لثوان هنالك من الدغل ..
ثم هززنا الرءوس ، وقلنا إننا توهمناه ..

وداعًا أيها الغريب ..
لكن كل شىء ينتهى ..

أحمد خالد توفيق


Tuesday, June 26, 2012

محمود درويش يفض عذريّتنا

هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى ‏دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟

‏وهل كان ‏علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟

كم ‏كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!

Sunday, June 24, 2012

إنسان يتألّــه

ما أجمل كلمات البشر الإقصائية .. و كيف تظهر إغراءها الفاتن بطائفيتها .. و كيف تشع عنفا تعصبيا .. و ما يجعلها اجمل؛ هو أن باطنها لم ينجلِ بعد على ظاهرها .. فهيهات أن تعرف قوة الإغراء بأن تكون ممثّل الرب على الأرض .. بأن تنطق بكلمات مهيبة تشعرك بألوهيتك !

نور بدر
16/6/2012

Wednesday, May 16, 2012

الرجل الذي مات هذا الصباح

سمر عبد الجابر
2012-05-12
http://www.annahar.com/article.php?t=mulhak&p=11&d=24728&dt=2012-05-12


الجحيم

في طفولتي، أخبروني بأنّه عليَّ أن أصلّي لكي لا يضعني الله في النار، حتى أنهم كانوا يقولون إن الله سوف يمدّ حبلاً من السقف ليلاً ليخنقني إن كذبت. لم أكن أكذب كثيراً غير أني كنت، كلّما استلقيتُ في سريري وواجهتُ السقف، تملّكني خوفٌ شديد. كنت أفكّر بأبي وأمّي اللذين لم يكونا يصلّيان خمس مرّاتٍ في اليوم وكنت أشعر بالكثير من الحزن إذ أتخيّلهما يحترقان في الجحيم. كان ذلك شعوراً شديدة القساوة. كنت طفلةً فصدّقتُ ذلك بسهولة، وحزنتُ لوقتٍ طويل. الآن، أشعر أني تحرّرتُ من الخوف والقلق والحزن ذاك. لكنّي كثيراً ما أتمنّى لو أنهم لم يخيفوني بهذه الطريقة حين كنت صغيرة، لأنه كان من الممكن أن أمضي ليالي كثيرة وأنا أتخيّل، قبل أن أغفو، أشياء أجمل من حبلٍ يمتدّ من سقف الغرفة. الآن أتخيّل أشياء أجمل، ولا أبالي بأسباب الوجود.

¶¶¶

الكون
قرب الشاطئ، جلسنا نتحدّث عن الكون. فكّرا في حياة الذباب، قال عبدالله، ما الذي يغيّره موت ذبابةٍ في هذا العالم الكبير ؟ فكّرا في الفيروسات التي تعيش بضع ساعات فقط. نحن، البشر، فيروسات كذلك. لا أكثر. لسنا فيروسات، قال حسين معترضاً. لغزنا الكبير هو الوعي. وعي الإنسان لنفسه. عرِّفوا لي الوعي، أعرّف لكم الله. على مقربةٍ منّا، كان الموج لا يزال يصطدم بالشاطئ، غير عابئٍ بأحاديثنا، نحن الثلاثة، الجالسين نناقش الكون، حول طاولةٍ صغيرة، في هذا العالم الكبير.

¶¶¶

الحياة هي هكذا ببساطة: الوحيد يرى سريره الفارغ جحيماً، والمتزوّج يتذمّر، بعد حينٍ، من ضيق السرير. العامل يتذمّر من قوانين العمل، والعاطل عن العمل يشتاق يوم كانت تفرض عليه القوانين. الوحيدة تحلم بقصّة عشقٍ جديدة، والعاشقون، الماضون في صراعاتهم اليوميّة، يشتاقون يوم كانوا وحيدين. هي هكذا ببساطة: ليس ثمّة سعادة في نهاية الطريق.

¶¶¶

خيارات
في الطريق أمامي خياران: أن أستمع إلى الموسيقى أو لا أفعل. في الحالتين، أصل إلى حيث أذهب. في البيت أمامي خياران: أن أفتح النافذة أو أبقيها مغلقةً. في الحالتين، الهواء لا يبالي بقراري. الآن أمامي خياران: أن أتصل بك أو لا أفعل. في الحالتين سوف يمضي اليوم ويأتي الغد. في الليل خياراتي الصغيرة تلك تتحوّل أحلاماً أو كوابيس. في الليل فقط، أدرك الفرق.

¶¶¶

الكاميرا
تغادرني الكاميرا. تصعد إلى أعلى. خارج المدينة. إلى أعلى. خارج الكرة الأرضية. خارج الكون. فأصبح تقريباً لا شيء. الموسيقى التي أسمعها في سيّارة مغلقة النوافذ لا يسمعها أحدٌ غيري. الإشارة الحمراء التي أتوقّف عندها، ضوؤها، من على علوّ غيمة، يكاد ينتفي تماماً. قلبي الذي ينبض، هو الآخر لا يسمعه أحدٌ سواي. تغادرني الكاميرا، نحو أبعد، نحو أعلى، حتى لا يعود يسمعني أو يراني أحد، حتى أصبح تقريباً لا شيء.

¶¶¶

صباحٌ آخر الآن،
أما وقد استيقظت، فها إني أفكّر، بكلّ جدّية، في الأشياء التي تزعجني هذا اليوم. أسترجع الأفكار التي رافقتني نحو النوم ليلة أمس، والأثر الذي تركته أحلام الليل في قلبي، وأعرف: غداً سوف يأتي صباحٌ آخر وسأفكّر في الأشياء نفسها أو في أشياء أخرى، بالجدّية ذاتها، كأنّ كلّ يوم هو الأهمّ من بين الأيّام. رغم ذلك، كلّ يوم أتذمّر، بالجدّية ذاتها، من ملل الحياة.

¶¶¶

الفيلم الرجل الذي مات هذا الصباح أصبح بطلاً في التلفاز هذا المساء. في الصباح، كان يقول أشياء عن نفسه. في المساء أحدهم يتحدّث عنه بصيغة الماضي.

¶¶¶

من النافذة يصلني صوت العصافير
التي تستمرّ من بعده

الرجل الذي مات هذا الصباح ربّما لن يعرف نهاية الفيلم،
الذي لا نعرف إن كان سينتهي حقّاً. وحده الله يعرف النهايات لأنه هو الذي يضعها. الرجل الذي مات هذا الصباح سريره الآن هادئ وقلبه كذلك.

Thursday, March 1, 2012

زوربا || نيكوس كازنتزاكيس



اليوم، أمطرت ببطء، واتَّحدت السَّماء بالأرض بحنانٍ لا متناهٍ.
إنني أذكرُ نقشاً هندوكياً من الحجارةِ الرَّمادية القاتمة يمثِّل رجلاً مُلقياً ذراعيه حول امرأةٍ ومتَّحداً بها بكثيرٍ من العذوبة والاستسلام حتى أنك لتحسّ، بعد أن لعقَ الدَّهر الجسدين وتآكلهما، أنك ترى حشرتين متعانقتين بشدَّة، راح المطر الناعم يتساقط فوقهما، والأرض تتشرَّبه بلذَّة وتمهُّل.)


إنني جالسٌ في الكوخ.أنظر إلى السَّماءتتكدَّر، وإلى البحر يتألَّق ببريقٍ رماديٍّ أخضر.
ومن طرف السَّاحل إلى طرفه الآخر، ليس ثمَّة إنسان، ليس ثمَّة شراع، ليس ثمَّة طير.

رائحةُ الأرض وحدها تدخل من النَّافذة المفتوحة.ونهضت، ومددت يدي إلى المطر كأنني متسوِّل.وفجأة، رغبت في البكاء.
كان ثمَّة حزن، ليس من أجلي، ليس لي، أعمق، وأظلم، يتصاعد من الأرض النديَّة.
إنه كالرُّعب الذي يتملَّك الحيوان الذي يرعى، بلا مبالاة، ثم يشمّ حوله فجأةً، في الفضاء، دون أن يرى شيئاً، أنه مُحاصَر، لا يستطيع أن يُفلت.
وكدت أُطلق صرخةً، مدركاً أن ذلك سيعيد الهدوء إلى نفسي لكنني خجلت.

وكانت السَّماء تنخفض أكثرَ فأكثر.ونظرت من النافذة: كان قلبي يرتعد بهدوءٍ.إنها للذيذةٌ، وحزينةٌ جداً، تلك السَّاعات من المطر النَّاعم، تعيد إلى الذِّهن جميع الذِّكريات المُرَّة، المدفونة في القلب: فراقُ الأصدقاء، ابتساماتُ نساء قد انطفأت، آمالٌ قد فُقدت أجنحتها كفراشاتٍ لم يبقَ منها إلا الدُّود.
ولقد وقف هذا الدُّود فوق أوراقِ قلبي وراح يقرُضها.ورويداً رويداً، عبرالمطر والأرض النَّديَّة، صعدَت من جديد ذكرى صديقي، المنفيّ هناك، في القوقاز.
وأخذتُ ريشتي، وانحنيت على ورقي، وأخذت أحدِّثه، لأمزِّق شبكة المطر وأتنفَّس.
((أيها العزيز جداً، أكتب إليك من شاطيءٍ منعزلٍ في كريت، حيث اتَّفقنا، أنا والقدر، أن أبقى عدة شهور لأمثِّل، أمثِّل دور الرأسماليِّ، مالك منجم للينيت، رجلَ أعمال.
وإذا نجح تمثيلي، فسأقول آنذاك إنه لم يكن تمثيلاً، بل إنني اتخذت قراراً كبيراً، قراراً بأن أغيِّر حياتي.

((أنت تذكر أنك دعوتني، وأنت مغادرٌ، ((بالفأر قارض الورق))فأثرتَ غضبي، وقررتُ آنذاك، أن أهجرَ القِرطاس لفترة من الزَّمن-أو دوماً؟-وألقي بنفسي في العمل.
فاستأجرتُ تلاً صغيراً يحتوي على الِّلينيت، وتعاقدت مع عمَّال، واشتريت معاولَ، وأرفاشاً، ومصابيح الإستيلين، وسلالاً، وعربات، وحفرت أنفاقاً ودفنت نفسي فيها.
هكذا، كي أثير غَضبك.وتحوَّلت، بسبب الحفر وشقّ الدَّهاليز في الأرض، من فأرٍ قارض للورق إلى خُلد.
فأرجو أن تُسَّر لهذا التحوُّل .

((إن أفراحي هنا كبيرة لأنها في غاية البساطة، مصنوعة من عناصر خالدة: هواء صافٍ،شمسٌ، وبحر، وخبزُ حنطة.وعند المساء، يُحدِّثني، وهو جالسٌ أمامي، سندبادٌ بحريٌ رائع، يتحدَّث ويتَّسع العالم كلَّما تحدَّث.وأحياناً، عندما لا تَسدُّ الكلمة حاجته، ينتصبُ قافزاً ويرقص.وعندما لا يكفيه الرَّقص نفسه، يضع السانتوري على ركبتيه ويبدأ بالعزف.

((أحيانا، يعزف لحناً وحشياً، فتحسّ بأنك تختنق لأنك تفهم فجأة أن الحياة تافهة وبائسة، غير لائقة بالإنسان وأحياناً يعزف لحناً مؤلماً فتحس بأن الحياة تمرُّ وتنساب كما ينساب الرَّمل من بين الأصابع وبأن الطُّمأنينة لا وجود لها.
((ويذهب قلبي ويجيء، من طرف صدري إلى طرفه الآخر كمكّوك حائكْ إنه يُحيك هذه الأشهر القلائل التي سأمضيها في كريت وإنني أعتقد-ليسامحني الله!-إنني سعيدْ.

((يقول كونفوشيوس: ((كثيرون يبحثون عن السَّعادة فيما هو أعلى من الإنسان، وآخرون فيما هو أوطأ منه.لكن السَّعادة بطول قامة الإنسان)).

هذا صحيح.إذن فهناك عددٌ من السَّعادات بصدد ما للإنسان من قامات.تلك هي يا تلميذي ومعلِّمي العزيز، سعادتي اليوم،إنني لأقيسها، وأعيدُ قياسَها، قلقاً لأعرف ماطول قامتي الآن.لأن قامة الإنسان، كما تعلم، ليست دائماً واحدة.

((إن البشر يبدون لي، هنا، أنا أنظر إليهم من عزلتي، لا كالنَّمل .لكن على النَّقيض من ذلك، كوحوشٍ هائلة، من نوع الزَّواحف السَّامة الضَّخمة الطَّائرة المتحجِّرة، تعيش في جوٍ مشبعٍ بحامضِ الفحم وبعفونة المستحاثَّات الكثيفة.غابٌ غير مفهوم، عبثيٌ، مُعول.

إن مفاهيم ((الوطن))و((العِرْق))التي تحبها، ومفاهيم((الوطن الأعلى))و ((الإنسانية))التي جذبتني، لها قيمةُ نفحةِ الهدْم الفائقة القوة.إننا نحسُّ أننا صعدنا من جديد لنقول بضعة مقاطع، وأحيانا حتى ليس مقاطع، بل مجرد أصوات لا تلفظ مثل((آ))و ((او))!-ومن ثم نتحطَّم.

وأسمى الأفكار، لو بُقرت بطونها، لتبينَّا أنها، هي أيضا دمىً محشوَّة بالنِّخالة، ثم نجد نابضاً من التَّنك مخفياً في النِّخالة. ((أنت تعرف جيداً أن هذه التأمُّلات القاسية، وهي بعيدة عن أن تجعلني استسلم، إنما هي على النَّقيض من ذلك، أعواد ثقاب لا بد منها لشعلتي الداخلية.
لأنني،وكما يقول معلمي بوذا، قد((رأيت)).بما أنني رأيت واتفقت بغمزةِ عينٍ مع المخرج المسرحيِّ اللامرئيِّ، فإنني أستطيع من الآن فصاعداً، وكلي مزاجٌ رائقٌ ورغبةٌ في أن أفعل مالا داعي له، أن أمثِّل دوري على الأرض حتى النِّهاية، أعني بانسجامٍ وبدون أن تُثبط عزيمتي.
ذلك بما أنني رأيت، فقد اشتركت، أنا أيضاً، في العمل الذي أمثِّله على مسرح الله.

((وهكذا، أراك، وأنا أنقِّل نظري في المسرح الكونيِّ، هناك في مغاور القوقاز الأسطورية، تمثِّل أنت أيضاً، دورك، إذ تجهد نفسك لإنقاذ بضعة آلاف من أرواح عرْقِنا الذي يواجه خطر الموت.
إنك بروميثيوس آخر، لكنه يتحمَّل عذابات حقيقية وهو يناضل ضد قوى الظَّلام : الجوع،والبرد،والمرض،والموت.

لكنك تُسَّر أحياناً، لما فيك من كبرياء، من أن قوى الظَّلام كثيرة إلى هذا الحدّ وغير مرئيَّة، وهكذا يصبح هدفك في أن تكون بلا أمل تقريباً، أكثر بطولة، وتدرك روحك عظمةً أشدَّ فجيعة.
((إن هذه الحياة التي تعيشها تعتبرها، بلا شك، سعادة.ولمَّا كنت تعتبرها هكذا، فهي كذلك.لقد فصَّلت، أنت أيضا، سعادتَك على قدِّك، وقدُّك الآن –ليتمجد الرب!-يتجاوز قدِّي.
والمعلِّم الصَّالح لا يريد مكافأةً أروع من هذه : أن ينشيء تلميذاً يتجاوزه.

((أما أنا، فأنسى غالباً، وأنتقد، وأتيه، وما إيماني إلا فسيفساء من الجحود المستمِّر، وقد اشتهي أحياناً أن اقوم بمقايضة: أن آخذ دقيقة صغيرة وأعطي حياتي كاملة.لكنك، أنك تمسك بالدَّفة بحزم، ولا تنسى إلى أين أنت متَّجه، حتى في أعذب الَّلحظات المميتة.
((أتذكُر ذلك اليوم الذي كنَّا نعبر فيه معاً إلى إيطاليا، ونحن عائدان إلى اليونان؟لقد عزمنا على الذهاب إلى منطقة((بونت)) التي كانت في خطر آنذاك، أتذكر ذلك؟ وفي مدينة صغيرة، نزلنا من القطار بسرعة، إذ لم يكن أمامنا إلا ساعةً واحدةً قبل وصول القطار الآخر.

ودخلنا إلى بستانٍ كبيرٍ كثيف، قرب المحطَّة مملوء بالأشجار ذات الأوراق العريضة، وبأشجار الموز، وبقصب لونه معدنيٌّ قاتم، وبنحلات كانت متشبثة بغصن مزهر يرتجف، لأنه يراهاتمتصّ.
( (وتقدَّمنا بصمتٍ وقد أخَذتْنا النَّشوة، وكأنَّنا في حُلم.وفجأة، عند منعطف الدَّرب المُزهر، ظهرت فتاتان تمشيان وهما تقرآن، لا أذكر إن كانتا-جميلتين أو قبيحتين.

أذكر فقط أن إحداهما كانت شقراء، والأخرى سمراء، وإنهما كانت ترتديان ثوبين ربيعيين.
((وبجرأة الإنسان عندما يكون حالماً، اقتربنا منهما وقلت لهما ضاحكاً:
((مهما كان الكتاب الذي تقرآنه،فسوف نتناقش حوله)).
كانتا تقرآن غوركي.وعند ذاك، تقدمنا بسرعة لأننا كنا مستعجلين، وأخذنا نتحدث عن الحياة، والبؤس، وتمرُّد الرُّوح، والحب…
((لن أنسى أبداً فرحنا وألمنا.كنا قد أصبحنا، نحن وتانك الفتاتان المجهولتان، أصدقاء قدماء،أحبَّاء قدماء.كنا على عجلةٍ من أمرنا، وقد أصبحنا مسؤولين عن روحيهما وجسديهما:
فبعد دقائق سنغادرهما للأبد.وفي الهواء المرتجف، كانت رائحة الإغتصاب والموت.

((وصل القطار وصفَّر.وقفزنا كأننا استيقظنا.وتصافحنا.كيف ننسى تعانق أيدينا الشديد واليائس، والأصابع العشر التي لا تريد أن تنفصل.كانت إحدى الفتاتين شاحبة جداً، والأخرى تضحك وترتعد.
(( وأذكر أنني قلت لك عندئذٍ:
((هي ذي الحقيقة.أما اليونان، والوطن، والواجب، فهي كلمات لا تعني شيئاً.
وأجبتني أنت: ((اليونان، والوطن، والواجب، هذا لا يعني شيئاًبالفعل، لكننا من أجل هذا اللاشيء سنذهب عن طواعية لنموت)).

((لكن لماذا أكتب لك هذا؟لأقول لك أنني لم أنس شيئاً مما عشناه معاً.ولأتيح لنفسي أيضاً فرصة كي أعبر عما كان مستحيلا علي التَّعبير عنه عندما كنَّا معاً، بسبب تلك العادة الحسنة أو السَّيئة التي كنا نتقيَّد بها والتي كانت تُلزمنا بتمالك أنفسنا.
((والآن وأنت لست أمامي ولا ترى وجهي، وأنا لا أُخاطر بأن أبدو سخيفاً، فإني أقول لك إنني أحبُّك كثيراً)).

وختمتُ رسالتي ... لقد تحدَّثت مع صديقي وعاد الهدوءُ إلى أعصابي.

*** *** *** *** *** *** ***
نيكوس كازنتزاكيس

Monday, February 13, 2012

في الحب ،


دستويفسكي يقول:

في الحب
كيف أحب أن ألقاك
أود أن أحبك
دون أن أضيق عليك
أن أقدرك
لا أن أقيمك
أن أهتم بك
لا أن أقرر لك
أن آتي إليك
لا أن أتطفل عليك
أن أدعوك
دون أن أثقلك بمطالبي
أن أهديك شيئا
دون انتظار المقابل
أن أودعك
دون أن أفتقد شيئا
أن أخبرك بمشاعري
لا أن أحملك إياها
أن أعلمك
لا أن أدرس لك
أن أساعدك
دون أن أغضبك
أن أعتني بك
لا أن أغيرك
أن أسعد بك كما أنت
وعندما أجد منك نفس الشعور
عندها يمكننا فعلا أن نلتقي
وأن نتبادل الحب