BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

مصــــــر

مصــــــر
فلترفعوا عيونكم إليّ ، لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ ، يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه ! -أمل دنقل


كانت النبوءة :(الناس نيام، فإذا ما انتبهوا ماتوا!)؛ و قد كٌسرت البلورة فوجبت

ما أجمل كلمات البشر الإقصائية .. و كيف تظهر إغراءها الفاتن بطائفيتها .. و كيف تشع عنفا تعصبيا .. و ما يجعلها اجمل؛ هو أن باطنها لم ينجلِ بعد على ظاهرها .. فهيهات أن تعرف قوة الإغراء بأن تكون ممثّل الرب على الأرض .. بأن تنطق بكلمات مهيبة تشعرك بألوهيتك !

___________________________________

آه ، إن قوة الأرض و الدم مخيفة حقا. إنها لتستطيع أن تجذبنا إليها في كل حين كلما أردنا ارتفاعا ! - "سلطان الظلام" توفيق الحكيم


Saturday, October 29, 2011

علي عزّت بيجوفيتش

على عزت بيجوفيتش
بقلم محمد يوسف عدس


(أخذ مني 3 ساعات كاملة لدراسته)


رحل على عزت بيجو فيتش- الرئيس السابق لجمهورية البوسنة والهرسك –عن عالمنا فى يوم الاحد التاسع من شهر اكتوبر عام2003 ،وكان فى ذلك الوقت قد اكمل من عمرة الزمنى ثمانية وسبعين عاما .اما حياته فهى أعمق من هذا وأعرض ، تشمل هذه الحياة فكره ونشاطه وفاعليته وانجازاته ، فإذا أضفت ذلك الى عمره الزمنى لوجدتة يحمل اعمارا اخرى ويتسع لحيوات كثيرة لا حياة واحدة ، فهو بحق رجل بأمّة ، ومن اراد ان يدرك هذة الحقيقة علية ان يتصفح سجل افكارة واعمالة وينظر مليا فى مسيرة حياتة ونضالة .

فعزت بيجو فيتش طراز نادر فريد من البشر ونموذج حى لاستثمار الوقت واستثمار القدرات و المواهب التى اودعها الله فيه ..... لم يتوقف لحظة من حياتة دون عمل نافع حتى وهو فى السجن يقضى عقوبة عن جرائم لم يرتكبها ( سوى أنه فيلسوف ومفكر إسلامى مناضل عنيد ) ، ففى السجن كتب احد ابدع اعمالة (( فرار الى الحرية )) سطرها فى بضعة الاف من الصفحات اودع فيها اعمق تاملاتة فى الحياة والفن والفلسفة والدين والسياسة والاخلاق واعاد النظر فى قراءاتة السابقة وتقييمة للشخصيات والمواقف التى مرت بة . لم يملأ السجن مرارة على الحياة والناس ولم يسلمة لليأس والانسحاب والاكتئاب ، بل زادة ايمانا بقيمة الحرية الانسانية ، وجعلة يوقن بان الحرية هى اعظم هبة منحها اللة للانسان ، وان الانسان مسؤل عنها امام واهبها الاعظم ، وان الدفاع عن الحرية انبل مهمة يؤديها الانسان ليس فقط نحو نفسة انما ايضا نحو الاخرين ولو كانوا اعداءه وليس هذا كلام خطابة او انشاء بل واقع مشهود ومسجل فى تاريخ الرجل ، فبعد ان تم انتخابة وتوليتة رئاسة الجمهورية سنة 1990م- لم يكن فد انقضى على خروجة من السجن سنة واحدة ، ظن بعض الناس ان فرصتة قد واتتة لينتقم من اعداءة الذين لفقوا لة التهم وزوروا شهادة الشهود وحكموا علية بالسجن مع الاشغاِِِِل الشاقة ، ولكنه لم يفعل ، فلما سالة الصحفيون: الا تنتقم للظلم الذى وقع عليك ؟ قال لا انتقم الان ..........ولا بعد ذلك ........ نعم إننى لازلت أشعر بالظلم الشديد بينى وبين نفسى ، ولا أستطيع ان أحملها على نسيان التجربة المريرة ولا نسيان الوجوه الكريهة التى ارتبطت بهذة التجربة ، ولا خسة الضمائر والنفاق والكذب .........ولكنى لا انتقم أبدا فأنا الآن مسؤل عن حياة هؤلاء الناس وعن حقهم فى الحرية . وبالفعل كان عدد كبير من هؤلاء لا يزالون فى وظائفهم خلال فترة حكمة لم يمسسهم بسوء أما رأس الجريمة وزير الداخلية وبعض القضاة المتحيزين فقد كنسهم التاريخ فى تراب النسيان

مثقف وثائر :
لم تكن حياة عزت بيجوفيتش هانئة او رخاءا ، رغم انة ينتمى الى اسرة عريقة كانت تتمتع بالغنى والوفرة فى عهد يوغسلافيا الملكية وكانت تتمتع بالكفاية والستر فى عهد يوغسلافيا الشيوعية . كانت حياتة مليئة بالاشواك ، حافلة بالام تكاد تكون متصلة الحلقات ، فيما عدا فترات وجيزة من طفولتة تنسم فيها نسمات السعادة والرضا ، ممما سجلة فى سيرتة الذاتية التى سجلها قبل وفاتة ببضعة اشهر . هذة الالام ما كانت تاتية من مصدر شخصى ولا اسرى ولا حتى من دائرة العمل ، فقد يسر اللة علية هذة المجالات الثلاثة ، وانما كانت الامة تتصل ببيئتة الاجتماعية والايديولوجية الرافضة لهويتة : اولا كمسلم ثانيا كمفكر مناضل من اجل الحرية .

لقد ادرك فى وقت مبكر من حياتة ان شعبة يتعرض لظلم واضطهاد مستمرين بدرجات متفاوتة من الحدة والبطش سواء فى عهد يوغسلافيا الملكية او الشيوعية ، ولعل هذا الادراك كان هو الحافز الاكبر لة على ان يغوص فى اعماق الفكر الاوروبى حتى انة استطاع ان يقرا ويستوعب اهم الاعمال الفلسفية واكثرها اثرا فى تشكيل الثقافة الاوربية قبل ان يبلغ سن التاسعة عشر يقول عن هذة المرحلة فى سيرتة الذاتية ((لم اكن فى بداية الامر استعذب فكرة الفليسوف الالمانى ((هيجل)) وان كنت قد غيرت رايى فية بعد ذلك اما اكثر ما تاثرت بة من فلسفات فياتى على راسها فلسفة ((هنرى برجسون )) فى(( التطور الحى )) وفلسفة ((كانت)) خصوصا كتابه (( نقد العقل الخالص )) ، وكتاب من مجلدين للفيلسوف الالمانى(( شبنجلر)) بعنوان تدهور الغرب .

هذا الوعى المبكر بالظلم الواقع على شعبة كان وراء اتجاهة –فى المرحلة الجامعية – الى دراسة القانون ، حتى يتمكن من الدفاع لذلك كلة اثر النضال الفكرى العلنى ومقارعة الحجة بحجة اقوى منها ، ومن جراء هذة الشجاعة الفكرية تعرض للسجن مرتين فى حياتة : ففى الاولى حكم علية بالسجن لمدة ثلاثة اعوام ( مع الاشغال الشاقة ) فيما بين سنة 1946 الى سنة 1949 ، فى هذه المرة تصدى للرد على الهجوم الشرس الذى شنة الشيوعيين فى بداية حكمهم – على الاسلام والمسلمين فى البوسنة ، فقد وجد فية هجوما ظالما مليئا بالافتراءات والاكاذيب والجهل بالاسلام لا شك ان على عزت كان ثائرا متمردا ، ولكن ثورتة كانت ابعد ما يكون عن الغضب الهائج فقد كانت حكمتة وعقلة حتى فى هذا السن المبكر اسبق من ثورتة وكانت شجاعتة فى الحق وقوة فكرة ومنطقة وصلابة ارادتة بواعث له على المواجهة العلنية ، وكوابح له الا يلجا الى التدابير السرية والعمل تحت الارض .

، فقرر مع مجموعة من المفكرين المسلمين ان يرد على هذه الحملة ويفندها بالحجة والبرهان ، وان يكون هذا فى اجتماع جماهيرى حاشد بمدينة سراييفو .....حيث استقبلة الجماهير بالترحاب وصفقوا له هاتفين بحماس شديد ، وجاء رد السلطات الشيوعية فوريا حيث قام رجال الامن بالقاء القبض عليه هو وزملائة وهم لايزالون على منصة الخطابة واودعوهم السجون بتهمة التحريض و الثورة المضادة ...

عن قضية شعبة وكان هذا ضد رغبة ابية الاصلية الذى نصحة الا يفعل ذلك لانة لن يجد بعد تخرجة فى هذا التخصص عملا فى النظام الشيوعى ، طالما انة ليس عضوا فى الحزب ، فدخل كلية الزراعة ارضاءا لابية ولكنة رغم نجاحة هجرها بعد ثلاث سنوات وعاد الى اختيارة الاول فى دراسة القانون
كان لتجربة السجن اثار واضحة فى مواقف عزت بيجوفيتش كانسان وزعيم قائد وحاكم لامة فعلى المستوى الشخصى عمقت هذة التجربة لدية الوعى بقيمة الحرية الانسانية وقداستها ، على النحو تعلمنا ايضا مما سجلة عزت بيجوفيتش فى سيرتة الذاتية حقيقة ان بين النفوس البشرية هوة واسعة بين من لديهم قدرة خارقة على ارتكاب ابشع الجرائم وبين اخرين ترقى ارواحهم وتسمو درجات الى انبل مستويات التضحية بالنفس
الذى سبق ان اشرنا الية ، ويتفرع عن هذة الحقيقة انة فى المجال الشخصى كان يتمتع بقدرة خارقة على الصفح والمغفرة بلا حدود .... حالة تعجب لها خصومة ولم يفهمها اعداؤة فذهبوا فى تفسيرها شتى المذاهب ، نقرا هذة التفسيرات الخاطئة فى مذكرات
(( لورد اوين )) عن حرب البوسنة Balkan Odyssey وكان المفاوض الاوربى الذى فشل فشلا ذريعا فى مهمتة التفاوضية لانة كان مجبرا من قبل حكومتة البريطانية ، متحيزا للجانب الصربى كارها للمسلمين ، ومن ثم عرض مشروعة الشهير فى تقسيم البوسنة الى كانتونات طائفية جعل المسلمين فيها محاصرين فى جيوب متناثرة تحت ادارة هولامية لا يصدقها عقل ، اذا تاملتها مليا تجدها اشبة بالجيوب الفلسطينية المعزولة بجدران عنصرية ، فيما يحاول شارون طرحة على الساحة . فمشروع اوين مثل مشروع شارون ينبع من مصدر عنصرى واحد ، ولان عزت بيجوفيتش رفض هذا المشروع رفضا قاطعا واصر على وحدة البوسنة متعددة الاديان والاعراف –لعنة دافيد اوين وافترى علية ولم يرى فية سوى صورة الرجل الذى حال بينة وبين النجاح والحصول على جائزة نوبل للسلام التى كان يتطلع لها .

فاذا كان العفووالصفح من ابرزسمات عزت بيجوفيتش على المستوى الشخصى فان موقفة كرئيس لبلادة وامين على وطنة فى مواجهة عدوان غاشم كان حاسما صلبا قاطعا ..... لم يدخر وسعا ولا وسيلة من وسائل تدعيم القوة لشعبة فى رد العدوان الا اتخذها ، او سعى جاهدا للحصول عليها

ولكنة فى كل الاحوال لم يستسلم لغواية الانتقام وكانت اسبابة ودوافعة كثيرة متكررة كان اعداؤة يتفننون فى اساليب القتل والتنكيل والاذلال ، وكانت القيادات الصربية تدرب جنودها
وتدفعهم دفعا لارتكاب المجازر ضد المدنيين وانتهاك الاعراض وتمزيق الاجساد ، بل كانت تعاقب لمتراخين فى تنفيذ الاوامر ، بينما كان عزت بيجوفيتش يكبح جماح الغضب المتاجج فى قلوب جنودة وضباط جيشة ويمنعهم من الانتقام او ممارسة العقوبات الجماعية


المقاومة المسلحة
انشأ عزت بيجوفيتش جيشا من لا شئ ونظرا للحصار الدولى الذى حظر التسليح على البوسنة على سبيل الخطأ او الحظ العاثر او المؤاامرة – ونظرا لفشل جهودة فالدولية فى ابطال هذا الحظر الظالم ذهب يتسوق قطع السلاح من كل مكان حتى من ايدى الجنود الصرب انفسهم كانت ولادة الجيش ولادة متعثرة ، وكانت سنوات عمرة الاولى فى مواجهة جيش نظامى مدجج بالسلاح والعتاد لا يفتقر الى الامدادات والذخائر ، فمصانع السلاح والذخيرة اليوغسلافية لم تتوقف ، كانت سنواتة الاولى طفولة ضعيفة ، جرت فيها سلسلة من الحولدث المأساوية لشعب البوسنة ، ولكن هذا الجيش نفسة وجدناة ينمو بخطوات سريعة ويستوعب التدريب فلى ازمنة قياسية ورغم انة لم يكن يملك الدبابات ولا المدافع الثقيلة الا انة تمكن فى مرحلة من مراحل الحرب من تحديد مئات الدبابات الصربية وتثبيت خطوط المواجهة على سعتها وانتشارها ، وعبر سنوات الكوارث الاولى حتى صيف 1994، فأذا بة يبدا فى تحديد اراضى البوسنة ويحقق انتصارات تكتيكية على القوات الصربية ويبدا الجنود الصرب يفرون من المعارك ويتجنبون الالتحام مع القوات البشناقية المستميتة فى القتال ، وقد سجلت قيادات صرب البوسنة ما لا يقل عن خمسين الف حالة هروب من الخدمة العسكرية كذلك استطاع عزت بيجوفيتش ان يقنع قوات كروات البوسنة بالتحالف مع القوات البشناقية فى حصار مدينة (( بنيالوكا)) مقر قيادة القوات الصربية فلما اصبحت المدينة قاب قوسين او ادنى من التسليم تدخلت القوات الدولية لوقف اطلاق النار واقنع الاوربيون والامريكيون ((فرانيو توجمان )) رئيس جمهورية كرواتيا بالتدخل لسحب القوات الكرواتية من الحصار فى مقابل مساعدات سياسية واقتصادية لوحوا بها الية .

كان سقوط بنيالوكا فى ايدى البشناق سيعزز قدرات عز بيجوفيتش التفاوضية ويمنحة الفرصة لاحباط المخطط الصربى لتمزيق البوسنة ولكن الدول الاوروبية بالذات لم تكن لتقبل ان يفاوض المسلمين فى موقع القوة بل تريد لهم تسوية ذليلة مجحفة يقبل فيها البشناق بما تمنحة لهم لا ما ينتزعونة هم بقدرتهم ونضالهم لذلك تامرت مع الصرب فى الهجوم على المدينة((سربرنيتشا)) فى يوليو1995 وكان الصرب قد حاولوا اقتحامها قبل ذلك بثمانى وعشرون شهرا
( اى فى ابريل 1993) ولكن المقاومة البشناقية ردتهم عن المدينة وفى المرة الثانية كانت المؤامرة على نطاق واسع حيث اشتركت فيها الكتيبة الهولندية التابعة لقوات الامم المتحدة وكانت قد تسلمت مسئولية الدفاع عن المدينة باعتبارها احدى الملاذات الخمسة الامنة فى البوسنة وفقا لقرار مجلس الامن ولكنها تخلفت عن الدفاع عن المدينة وسمحت للقوات الصربية بالدخول واستخدام سيارات وقبعات جنود الاممم المتحدة للتموية على السكان واخذت القوات الصربية تفرز السكان حيث وضعت النساء والاطفال فى سيارات نقل فالقت بهم فى الغابات بعيدا عن المينة اما الصبيان والشباب والرجال من سن خمسة عشر الى الستينسنة فقد سيقوا فى طوابير طويلة الى مصير مجهول .

فى هذة الحملة الارهابية فقد شعب البوسنة ثمانية الاف قتيل دفن بعضهم احياء فى مقابر جماعية عندما اكتشفت وجدت بها جثث مقيدة الايدى ماتت اصحابها وقوفا على اقدامهم بعد ان اهيل عليهم التراب ولايزال الى اليوم اسر الضحايا تبحث عن ذويهم بلا جدوى فى مقابر جماعية اخرى لم تكتشف بعد .

ديموقراطية وصحافة حرة اسس عزت بيجوفيتش نظاما ديموقراطيا فى البوسنة والهرسك استمر قائما منذ بداية تسليمة السلطنة قبل الحرب وبدون تدخل جهات اجنبية وبقى خلال الحرب حتى هذة اللحظة بينما كانت صربيا
وكورواتيا يحكمهما حكومتان دكتاتوريتان يرأسهما ((سلوبودان ميلوسفيتش)) و((فرانيو توجمان) وابى ان يرفض الرقابة على الصحافة والاعلام اثناء الحرب وكان هذا الموقف مثيرا لدهشة المراقبين اصر علية عزت بيجوفيتش
رغم معارضة الكثير من قياداتة العسكرية والسياسية .



وقد اجريت دراسة محايدة فى هذا المجال قامت بها منظمة دولية قارنت اوضاع الاعلام فى كل من صربيا وكورواتيا والبوسنة هى المنظمة المعروفة باسم ARTICLE 19 المركز الدولى ضد المراقبة )) واودعت دراستها فى كتاب بعنوان ( تزييف حرب) Forging war هو فى الحقيقة شهادة ووسام على صدر عزت بيجوفيتش.



الاسلام والحضارة الغربية :::::::

فى حديثة عن العلاقة بين الاسلام والحضارة الغربية يقول يواجة المسلمون اختيارا صعبا لابد ان يتجنبوا فية اختيار احد طرفين متعارضين : الرفض التام للحضارة الغربية واتباعها اتباعا اعمى ، فكلاهما خطر بنفس القدر فرفض الحضارة الغربية برمتها سيبقى ضعفا الى الابد واذا اخذناها كلها بلا تمييز بين غثها وثمينها فسوف نفقد هويتنا ولا ينبغى ان يغيب عن وعينا ان الحضارة الغربية انما هى ثمرة جهود علماء كثيرين ينتمون الى اديان مختلفة وشعوب مختلفة وان قوة الغرب لا تكمن فى قوتة العسكرية والاقتصادية فحسب فهذا هو الجانب البرانى منها اما جانبها الجوانى فيتجلى فى التفكير النقدى وهذا هو ما يجب ان نتبناة على الفور ونتقنة والنقل الحرفى لمنتجات الحضارة الغربية وتقليده تقليدا اعمى يصيب الناقل المقلد بافة كامنة فى روحها وثقافتها تتمثل فى الصورة التاريخية للعالم كما تراة هذة الحضارة وكراهية الاسلام جزء من هذة الروح والثقافة التى تغذت قرونا باحقاد الحروب الصليبية والغزوات الاستعمارية على العالم الاسلامى ، وامتصاص هذة الروح العدائية يخلق عقدة نقص نلمسها فى اجيال المسلمين تعلموا فى الغرب وانبهروا بقوتة وتقدمة ، ومن هنا جاء احتقارهم لمجتمعاتهم المختلفة ورفضهم لثقافتهم الاسلامية واذا قمنا بدراسة الصراع الدائر اليوم فى المجتمعات المسلمة فسوف نتحقق ان جوهر الصراع يدور بين دعاة الحداثة المنحازين للغرب وبين المحافظين التقليديين هذا الصراع هو الذى مزق المجتمعات المسلمة وانتهى بها الى نهاية مأساوية محزنة.
فكرتان عظيمتان
واود هنا ان اعرض لفكرتين عظيمتين معاصرتين انبثقا فى الفكر الغربى : يدعو الى الفكرة الاولى كارل بوبر فى كتابة مجتمع مفتوح واعداءة من سمات هذا المجتمع الاساسية : حرية الفرد والنمو الشخصى والتفكير الحر والحق فلاى نقد النظم السياسية والتبادل الحر للاراء ولست اجد فى دين المسلمين ما يحول بينهم وبين الاخذ بهذة الفكرة واضافة الى ذلك فان بوبر يحث على التسامح ويقف ضد السلوك البربرى فى اوروبا الذى يعانى منة المسلمون فى القارة

اما الفكرة الثانية فتتمثل فى الدعوة الى عصر نهضة ثان فى اوروبا صاحب هذة الفكرة هو الفليسوف الالمانى ويتساكر Weizsacker ويتميز هذا العصر عن عصر النهضة الاول فى ان توجهة الى عوالم وثقافات خارج اوروبا هذا التحول الجديد نحو الخارج والانفتاح على ثقافات شعوبة يجعل للاسلام وثقافتة موضوعا محتملا فى اطار الاهتمام الاوروبى فى هذا المجال يسوق عزت بيجوفيتش اية قرانية من صورة المائدة لها دلالة ملفتة للنظر ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء اللة لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى اللة مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فية تختلفون ) ويعلق عزت بيجوفيتش على هذة الاية فيقول نحن لا نستطيع ان ندخل فى حلبة السباق الى الخيرات ونقنع الاخرين بجدارتنا وبما نملك من قيم عظيمة مالم نقو هويتنا او بالاحرى وعينا بهويتنا الخاصة فالمسلمون الواعون وحدهم هم القادرون على الاخذ والعطاء دون ان يلقوا بقيمهم الاسلامية وراء ظهورهم اما الذين انسلخوا من هويتهم ووطنوا انفسهم على الاخذ فقط فهؤلاء هم المتسولون الذين لا يحظون باهتمام الاخرين او احترامهم

مسلم اوروبى
فى لقاء مع مندوب صحيفة تشيرن الالمانية فى 5 نوفمبر 1994 سالة الصحفى السيد لرئيس انت معروف كمسلم حريص على التقاليد الاوربية والتسامح الاوربى والمنفتح على العالم باسرة ولكن هناك تقارير فى الصحافة الاوربية تقول ان هناك الان اسلمة جارية فى البوسنة والهرسك ... فهل هذة مجرد شائعات ؟ عزت بيجوفيتش سوف اوكون معك شديد الصراحة واقول لك : لا ليست هذة شائعات بل حقيقة فالعودى الى الدين اصبحت ظاهرة عالمية فى كل مكان تمكن الشيوعيين فية من قمع الدين على مدى خمسين الىسبعين سنة ماضية نعم هناك اسلمة فى البوسنة كما تسميها وهى صحوة اسلامية ولكن هناك فى البوسنة بنفس القدر صحوة ارثوذكسية وصحوة كاثوليكية والفرق ان عودة المسيحيين الى دينهم لم تلفت نظر اوروبا المسيحية وهذا امر افهمة ولا الومها علية اود فقط ان اصححك فى نقطة واحدة وهى ان تسامحى الذى تتحدث عنة ليس مردة الى كونى اوروبى وانما مصدرة الاصيل هو الاسلام فاذا كنت متسامحا حقا كما تقول فذلك لاننى اولا وقبل كل شئ مسلم ثم بعد ذلك اوروبى .

لقد لاحظت من تجربتى فى حرب البوسنة ان اوروبا لديها اوهام تعجز عن التحرر منها رغم الحقائق الدامغة فقد دمرت اثناء هذة الحرب مئات المساجد والكنائس كلها بلا استثناء دمرها مسيحيون ولم يدمر المسلمون كنيسة واحدة وقبل ذلك حكم الاتراك العثمانيون وهم مسلمون البلقان خمسمائة سنة فلم يهدموا كنيسة ولا ابادوا شعبا من الشعوب وحافظوا على الاثار المعمارية وعلى الاديرة الشهيرة فى جبال فروشكا جورا قريبا من بلجراد ولكنها لم تصمد ثلاثة اعوام فقط تحت الحكم الاوروبى فقد دمرها الشيوعيون والفاشيون خلال الحرب العالمية الثانية ... ولم يكن هؤلاء الشيوعيون والفاشيون الذين ارتكبوا هذة الجريمة من اسيا بل من قلب اوروبا وحتى هذة اللحظة لوم تبد اوروبا حساسية كافية ضد الفاشية المتصاعدة فى البلقان بل وقفت تتفرج على الدمار الذى الحقة الصرب فى البوسنة اننى اعتز باوروبا واحمل لها كل تقدير وانا اوروبى ولا استطيع ان اتخلص من جلدى ولكنى اقرر ان اوروبا لديها فكرة عن نفسها اعلى بكثير من حقيقتها !

Thursday, October 27, 2011

الطريق من سبتمر -- إلى أكتوبر

نابلس --> رام الله --> قلنديا --> بيت لحم --> القدس --> بن جوريون --> طابا --> القاهرة ، ثم إليّ !

من 30 سبتمر - 25 أكتوبر

Tuesday, October 11, 2011

بصيرة ساراماجو

التحرير - 10 أكتوبر 2011
د. أحمد خالد توفيق


عندما كنت طبيبا فى وحدة ريفية، رأيت حالة فتاة تعرضت يدها لالتهاب شديد فامتلأت بالصديد. كان علىّ أن أشق الجلد وأخرج هذا الصديد طبقا للقاعدة القديمة: حيثما يوجد صديد فلا بد من التخلص منه. قمت بهذا واستخرجت كميات كبيرة فعلا من الصديد جعلتنى أتِيه فخرا بنفسى. على أن فرحتى لم تدم طويلا.. لقد عادت الفتاة بعد ثلاثة أيام وقد ارتفعت درجة حرارتها بتلك الطريقة المحمومة المجنونة التى تدل على وجود صديد مضغوط، وكانت ترتعش، وأدركت أن التهابا أقوى كاد يدمر يدها. هكذا حملت خيامى ورحلت كما يقول الأعراب، وأخذتها لجراح بارع فى المستشفى الجامعى. رأى ما قمت به فقال ضاحكا «المشكلة هى أن قلبك رهيف جدا ولا تملك الشجاعة اللازمة.. كان عليك أن تفتح أنسجة أكثر وتمزق أكثر وتتوغل أكثر». وذكّرنى كذلك بقاعدة أهم هى أن عدوى اليد خطرة جدا، ولا يجب التهاون معها بأى حال. القاعدة الأخيرة هى أنه يجب العمل تحت مخدر عام، لأن الفتاة لن تتحمل ما سيحدث

وفى ذهول رحت أراقبه وهو يُولج مبضعه، فيمزق الحواجز الصفاقية ويخترق أقسام اليد.. ورأيت أنهارا من الصديد تتدفق. كل هذا كان بالداخل وأنا بقلة خبرتى حسبت أننى أجدت التنظيف. وعندما ضمد الجرح ووضع الفتيل، كانت حرارة الفتاة قد هبطت فعلا.. وبعد يومين كانت ضحكتها تشرق كالشمس

تذكرت هذا الموقف وأنا أرى ما وصل إليه حالنا اليوم بسبب الثورة التى لم تكتمل. لقد نجح الثوار فى أن يزيلوا الكثير جدا من الصديد وحبسوه فى طرة، لكن ما زال هناك الكثير جدا منه.. صديد يحتاج إلى جراح محترف، ويحتاج إلى قسوة وإلى حزم.. وهى عملية غير محببة للجراح ولا المريض معا. يجب أن يعترف المرء بأنه كان مخطئا عندما اعتقد أن النهاية السعيدة جاءت يوم 11 فبراير 2011، والحقيقة أنها كانت البداية، وكان يجب أن يستمر كل شىء إلى أن يتحقق ما يريده الثوار. الخلاص من قمة الدمل لا يعنى أنه لم يعد هناك صديد.. ليس هذا هو الخطأ الوحيد على كل حال

من حين لآخر يكتشف المرء أنه كان مخطئا بشدة، وأنه أحسن الظن فى أمور كان الشك أقل ما يجب فيها، وتفاءل حيث ينبغى أن يكتفى سواه بابتسامة جانبية حذرة. وعزائى الوحيد هو أننى لست محللا سياسيا أو استراتيجيا، وإنما أنا مجرد مواطن يقرأ الصحف ويحب هذا البلد. هكذا كتبت مرارا عن أننى أعتبر حكومة عصام شرف من أصدق وأكفأ الحكومات التى عرفتها مصر.. كان هذا منذ زمن بعيد، أما اليوم فلم أتخل عن قناعة أنها (من أصدق)، لكن موضوع (أكفأ) هذا قد انتهى منذ زمن، ومن الواضح تماما أن هذه الحكومة الواهية تتعرض لضغوط عنيفة من كل الجهات، والأسوأ أنها تستجيب لأى ضغط. أتذكر كذلك فى قلق أن الدولتين الوحيدتين اللتين يحكمهما مجلس عسكرى أو (خونتا) فى العالم اليوم هما مصر وجزر فيجى!ـ

هذا بلد عظيم يستحق ما هو أفضل بكثير، ولا أعرف السبب فى استحالة أن نملك رئيسا منتخبا وبرلمانا وتداول سلطة وصحافة وإعلاما حرّين.. هل نحن لا نستحق هذا؟ أم أن مصر أهم من أن تحظى بهذا؟

قررت أن أقرأ قليلا لأتناسى هذه الهواجس، ولسبب ما عدت إلى رواية (البصيرة) للكاتب البرتغالى الحاصل على نوبل (خوزيه ساراماجو). كنت قد بدأت كتابة رواية اسمها (أيام الشهاب الأولى) منذ أعوام، كتبتها بتردد قاتل لدرجة كتابة سطرين أو ثلاثة كل أسبوع. لما بدأت الرواية تتخذ كيانا ملموسا فوجئت برواية (الطوف الحجرى) لساراماجو التى تحكى نفس الحبكة تقريبا، ولو أنهيت روايتى فمن المستحيل أن يصدق أحد أننى لم أسرقها من ساراماجو. هكذا تخلصت من روايتى آسفا، وإن سرّنى أن فكرة لى اقتربت من أفكار هذا الأديب العظيم. لن أعطى أى بيانات عن رواية (البصيرة) والدار التى نشرتها، لسبب بسيط هو أنها مترجمة ترجمة رديئة فعلا، وقراءتها عذاب حقيقى. لا بد أن تعيد صياغة كل جملة فى ذهنك لتصير مستساغة

صدرت الرواية عام 2004 بعد جائزة نوبل، وهى تمتاز كمعظم روايات ساراماجو بروح من السخرية والعبث والفانتازيا. يقولون إنها تكملة لرواية سابقة هى (العمى) التى لم أقرأها بصراحة، لكنها تحكى عن بلد فقد أهله جميعا البصر ما عدا امرأة واحدة

تبدأ رواية (البصيرة) بجملة صادمة: قال الكلب.. هيا بنا نعوى!ـ
لا بد أن نثور.. لقد خلقنا من أجل هذا

تدور الرواية حول لجنة اقتراع فى بلد غير محدد المعالم.. يمكن أن يكون مصر أو البرتغال. هناك مشكلة بسيطة هى أن أحدا لم يذهب إلى صناديق الاقتراع حتى المساء، ثم يخرجون من بيوتهم تحت الأمطار الغزيرة -ليثبتوا أن الطقس لم يمنعهم- ويدلون بأصواتهم

عندما يتم الفرز نكتشف أن معظم الأصوات غير صالحة.. معظم الناخبين وضع أوراقا بيضاء فى صناديق الاقتراع. بمعنى أدق هم ذهبوا إلى اللجان بحماس غريب، ولكنهم لم يختاروا أى حزب.. لا اليمين ولا الوسط ولا اليسار. وهذه الظاهرة لا يبدو أنها تمت بناء على اتفاق. على فكرة بدأت موضة من الأصوات البيضاء فى أوروبا بعد هذه الرواية. عندما تعاد الانتخابات تتكرر هذه الظاهرة المحيرة. عصيان فانتازى يرفض الجميع.. وكما هى العادة لدى كل هذه الحكومات، فإنهم لا يعتقدون أن الشعب يتصرف من تلقاء نفسه.. لا بد من يد خفية تنظم هذا كله. وتقرر الحكومة أن تحاصر العاصمة وتنشئ عاصمة جديدة، بينما تترك العاصمة القديمة نهبا للجوع والمعاناة

عندما تقرر الحكومة أن تتهم شخصا ما فإنها تجد أن أفضل شخص هو المرأة التى ظلت مبصرة فى رواية (العمى). ويدور تحقيق معها بمعرفة ضابط كبير من الحزب الحاكم أرسله وزير الداخلية.. الضابط يكتشف أن المتهمة بريئة فعلا، ويتعاطف معها، والنتيجة هى أنه يدفع حياته ثمنا

تنتهى الرواية بطلقة تقتل الكلب الذى يعوى بسبب وفاة صاحبته، فيقول أحد العميان «الحمد لله.. أنا أكره عواء الكلاب»! إن العميان لا يكتفون بلذة فقد البصر بل يطمعون كذلك فى لذة الصمت. الناس فى مدينة ساراماجو كانوا محظوظين رغم كل شىء، لأنهم امتلكوا القدرة على الاختيار، بل واختيار عدم الاختيار.. أما نحن فننتظر.. ننتظر ونعتصر بعض قطرات الصديد من الدمل فى كل جمعة. ومن جديد أكره الاعتراف بأننى كنت مخطئا لكنها الحقيقة

Sunday, October 9, 2011

ذكرى رحيل الجسد

فلترفعوا عيونكم إليّ ،
لربّما ..
إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ ،
يبتسم الفناء داخلي ..
لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه !

-أمل دنقل